للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قوة اللفظ لقوة المعنى]

هذا الباب وثيق الصلة بالدراسات البلاغية التي تعتمد على سلامة الذوق، ورقة الإحساس لما فيه من تأثر المعنى باللفظ قوة، وضعفاً، مع أنه لم ينبه إلى جدواه في الدراسات البلاغية إلا ابن الأثير في القرن السابع الهجري، وإن يكن قد اعتمد على كل ما قاله ابن جنى في هذا الباب؛ وقد امتدحه ابن جنى أنه فصل من العربية حسن، ثم مثل له بقولهم: (خشن) و (اخشوشن) لأن معنى (خشن) دون معنى: (اخشوشن). لما فيه من تكرير العين وزيادة الواو، وبقول عمر - رضي الله عنه-: "اخشوشنوا، وتمعددوا"، أي أصلبوا، وتناهوا في الخشنة، وبقولهم. أعشب المكان، فإذا أرادوا، كثرة العشب فيه قالوا: اعشوشب، وبقولنا: حلا، واحلولي، وخلق، وأخلولق، وغدن، وأغدودن.

ثم مثل بباب (فعل وافتعل) نحو: (قدر واقتدر) لأن اقتدر أقوى معنى من قولهم: قدر.

وأنت تلاحظ من تمثيله أنه قد جعل الباب شاملاً لأمرين هما:

١ - قوة اللفظ لقوة المعنى، وهو ما يمثله قولهم: (قدر، وأقتدر) لما ترى من قوة (أقتدر) لشدة النطق بالتاء.

٢ - تكثير اللفظ لتكثير المعنى، وهو ما يمثله قولهم: أعشب المكان، فإذا أرادوا كثرة العشب فيه قالوا: أعشوشب.

وقد طبق ابن جنى على هذين المبدأين ما تيسر له من القرآن الكريم: أو من فصيح الشعر العربي.

أما ما جاء من قوة اللفظ لقوة المعنى في القرآن الكريم: فقول

<<  <   >  >>