للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المجاز بالحذف والزيادة]

يذكر ابن جنى أن من المجاز: كثير من باب الشجاعة في اللغة: من الحذوف، والزيادات، والتقديم، والتأخير، والحمل على المعنى والتحريف.

غير أنه قد نبه على ما جاء من باب الحذف مما يعده مجازاً، فقال: ألا ترى أنك إذا قلت: بنو فلان يطؤهم الطريق، ففيه من السعة: إخبار عما لا يصح وطؤه بما يصح وطؤه؛ فتقول على هذا: أخذنا على الطريق الواطئ لبني فلان، ومررنا بقوم موطوئين بالطريق وبالطريق: طأ بنا بني فلان، أي أدنا إليهم، وتقول: بني فلان بيته على سنن المارة، رغبة في طئة الطريق بأضيافه له؛ أفلا ترى إلى وجه الاتساع عن هذا المجاز؟ !

ووجه التشبيه: إخبارك عن الطريق بما تخبر به عن سالكيه؛ فشبهته بهم إذ كان هو المؤدي لهم، فكأنه هم.

وأما التوكيد: فلأنك إذا أخبرت عنه بوطئه إياهم كان أبلغ من وطء سالكيه لهم، وذلك أن الطريق مقيم ملازم؛ فأفعاله مقيمه معه، وثابتة بثباته وليس كذلك أهل الطريق؛ لأنهم قد يحضرون فيه ويغيبون عنه؛ فاأفعالهم - أيضاً - كذلك، حاضرة وقتاً، وغائبة آخر؛ فأين هذا مما أفعاله ثابتة مستمرة؟ !

ولما كان هذا كلاماً، الغرض فيه المدح والثناء، اختاروا له أقوى اللفظين لأنه يفيد أقوى المعنيين (١).


(١) الخصائص ٢/ ٤٤٦

<<  <   >  >>