للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترى فيه الحذف أفصح من الذكر، والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون مبيناً، إذا لم تبين (١).

ثم ينشئ إلى موضوع حذف المفعول به في دلائل الإعجاز فينقله بعضه (٢) تقريباً.

ومما يدلك على إفادة ابن الأثير من ابن جنى في موضوع الحذف: قوله في: حذف الموصوف والصفة، وإقامة كل منهما مقام الآخر:

ولا يكون أطراده في كل موضع، وأكثره يجيء في الشعر، وإنما كانت كثرته في الشعر دون الكلام المنثور، لامتناع القياس في أطراده.

[ثم يقول: والصفة تأتي في الكلام على ضربين]

[١ - إما للتأكيد والتخصيص.]

٢ - وإما للمدح والذم، وكلاهما من مقامات الإسهاب والتطويل، لا من مقامات الإيجاز والاختصار، وإذا كان الأمر كذلك لم يلق الحذف به. هذه مع ما ينضاف إليه من الالتباس، وأنه ضد البيان.

ألا ترى أنك، إذا قلت: مررت بطويل، لم يبن من هذا اللفظ الممرور به، إنسان هو رمح، أم ثوب، أو غير ذلك؟ !

وإذا كان الأمر على هذا فحذف الموصوف إنما هو شيء قام الدليل عليه أو شهدت به الحال، وإذا استبهم كان حذف غير لائق.

ومما يؤكد عندك ضعف حذفه، أنك تجد من الصفات ما لا يمكن حذف حذف موصوفه، وذاك أن تكون الصفة جملة، نحو مررت برجل قام أبوه


(١) المثل السائر ٢/ ٢٦٨
(٢) المثل السائر ٢/ ٢٩١ - ٢٩٥

<<  <   >  >>