للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[موقف البلاغيين من هذا الباب]

جعل ابن رشيق هذا النوع من الكلام باباً من المبالغة، وسماه: نفي الشيء بإيجابه، وعده من محاسن الكلام (١) وتابعه ابن أبي الإصبع في تسميته وعده من البديع.

وبهذا يكون هذا الأسلوب - عندهما - داخلاً في علم البديع.

وقد تابعهما العلامة السيوطي في هذا الرأي، فسماه - أيضاً - نفي الشيء بإيجابه، وعده في علم البديع (٢).

ولكن ابن الأثير قد جعله النوع الثالث عشر من المقالة الثانية في الصناعة المعنوية وعرفه بأنه: نفي الشيء بإيجابه، وهو نفس العنوان الذي نجده عند ابن رشيق، ولكنه سماه "عكس الظاهر".

وإنما سما "كذلك، لأنك تذكر كلاماً يدل ظاهره على أنه نفي لصفة موصوف، وباطنه نفي للموصوف أصلاً.

ووقد بين ابن الأثير أن هذا الباب من مستطرقات علم البيان، وهو - وإن كان يطلق لفظه لبيان على البلاغة كلها - إلا أنك تشعر بأنه يميل بهذا الأسلوب إلى أن يكون في "المعاني" لأنه يضعه بعد "قوة اللفظ لقوة المعنى".

على أن هذا النوع من الكلام لا نجد له ذكراً عند الخطيب، وإن كان ابن رشيق قد أتى بأمثله كثيرة منه.

كما أن ابن الأثير، يرى أنه قليل الاستعمال، لأن الفهم يأباه، ولا يقبله


(١) العمدة ٣/ ٨٠
(٢) شرح عقود الجمان للسيوطي ١٢٤

<<  <   >  >>