للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعليه قول الله تعالى: "فما تنفعهم شفاعة الشافعين" (١)، أي: لا يشفعون لهم، فينتفعوا بذلك، يدل عليه قوله عز اسمه: "ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وإذا كان كذلك، فلا شفاعة إلا لمن ارتضى الله، وبهذا تعلم أنهم لو شفع لهم لم ينتفوا بتلك الشفاعة، ومنه قولهم: (هذا أمر، لا ينادى وليده)، أي لا وليد فيه فينادى.

ثم يفترض ابن جنى أن قائلاً قال: فإذا كان، لا منار به، ولا وليد فيه، ولا أرنب هناك، فما وجه إضافة هذه الأشياء إلى ما لا ملابسة بينها وبينه؟ !

ويجيب ابن جنى قائلاً: لا، بل هناك ملابسة، لأجلها صحت الإضافة وذلك: أن العرف أن يكون في الأرض الواسعة منار يهتدى به، وأرنب تحلها، فإذا شاهد الإنسان هذا البساط من الأرض خالياً من المنار، والأرنب ضرب بفكره إلى ما فقده منهما فصار ذلك القدر من الفكر وصلة بين الشيئين، وجامعاً لمعتاد الأمرين وكذلك إذا عظم الأمر واشتدا الخطب علم أنه لا يقوم له ولا يحضر فيه إلا الأجلاد وذوو البسالة، دون الولدان وذوى الفزاعة، فصار العلم بفقدان هذا الضرب من الناس وصلة فيه بينها وعذراً في تصاقبهما، وتداني حاليهما (٢).


(١) المدثر ٤٨
(٢) الخصائص ٣/ ٣٢٢

<<  <   >  >>