للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المجاز العقلي]

لم يضع ابن جنى للمجاز العقلي باباً، ولم يفرد له فصلاً؛ ولم يميزه من المجاز اللغوي؛ وإنما جاء، في مثال، من أمثلته التي ضربها للمجاز عموماً.

وذلك أنه من خلال حديثه عن سعة المجاز، في اللغة العربية؛ قال: ألا تراك قد تقول: (قطع الأمير اللص)، ويكون القطع له بأمره لا بيده؛ فإذا قلت: قطع الأمير نفسه اللص؛ رفعت المجاز، من جهة الفعل، وصرت إلى الحقيقة؛ لكن يبقى عليك النجوز من مكان آخر؛ وهو قولك؛ اللص؛ وإنما لعله قطع يده، أو رجله؛ فإذا احتطت، قلت، قطع الأمير نفسه يد اللص، أو رجله.

وكذلك: (جاء الجيش أجمع)، ولولا، أنه قد كان يمكن أن يكون إنما جاء بعضه - وإن أغلقت المجيء على جميعه - لما كان لقولك: أجمع معنى (١).

وهكذا تجد أن ابن جنى قد نبه إلى أنه يمكن أن يكون في قولهم: (قطع الأمير اللص) مجازين:

أحدهما: في إسناد الفعل (قطع) إلى غير الأمير، ولكن بأمره.

والآخر: في (اللص)؛ لأنه ربما يكون قد قطع يده، أو رجله.

والأول مجاز عقلي علاقته السببية؛ والآخر: مجاز لغوي علاقته الكلية.


(١) الخصائص ٢/ ٤٥٠

<<  <   >  >>