للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٨ - الاستشهاد بخصائص النظم على صحة القضايا اللغوية]

ومن ذلك: ما تجده في باب قوة اللفظ لقوة المعنى، الذي بين فيه أن: خشن في اللغة - دون أخشوشن، لما فيه من تكرير العين، وزيادة اللام، ومنه قول عمر - رضي الله عنه - أخشو شنوا، وتمعددوا، أي: أصلبوا، وتناهوا في الخشنة، وقولهم: أعشب المكان، فإذا أرادوا، كثرة العشب فيه قالوا: أعشوشب.

وقد استشهد على هذه القضية اللغوية بقوله تعالى: "أخذ عزيز مقتدر"، فمقتدر هنا، أوفق، من قادر، من حيث كان الموضع لتفخيم الأمر، وشدة الأخذ، وعليه - عند ابن جنى - قول الله تعالى: "لها ما كسبت، وعليها ما اكتسبت، فالحسنة تصغر بالنسبة لجزائها، لأن جزاءها هو عشرة أمثالها، ولما كان جزاء السيئة إنما هو بمثلها لم تحتقر بالنسبة للجزاء عنها، ولهذا كانت قوة فعل السيئة على فعل الحسنة، يقول الله تعالى: تكاد السموات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هداً، أن دعوا للرحمن ولداً، فإذا كان فعل السيئة ذاهباً بصاحبه إلى هذه الغاية البعيدة المترامية، عظم قدرها، وفخم لفظ العبارة عنها، فقيل، "لها ما كسبت" وعليها ما اكتسبت"، فزيد في لفظ فعل السيئة وانتقص من لفظ فعل الحسنة (١).


(١) الخصائص ٢/ ٣٦٥

<<  <   >  >>