للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأمر لا يعدو، أن يكون مجرد ادعاء زيادة أسماء الجهات، أو الطير، أو اللباس، لأنه قال: (كأنه زاد) ولم يقل: (أنه زاد)!

[شيوع المجاز في اللغة العربية]

يذكر ابن جنى أن أكثر اللغة إذا تأملته مجاز "لا حقيقة" فعامة الأفعال، نحو: قام زيد، وقعد عمرو، وانطلق بشر، وجاء الصيف وانهزم الشتاء:

وذلك لأن الفعل يفيد معنى الجنسية، فقولك: قام زيد، معناه: كان منه القيام، أي هذا الجنس من الفعل، ومعلوم أنه لم يكن منه جميع القيام لأنه جنس، والجنس يطبق جميع الماضي، وجميع الحاضر، وجميع الآتي، من الكائنات من كل من وجد منه القيام، ولا يجتمع لإنسان واحد في وقت واحد القيام كله الداخل تحت الوهم، ولهذا فإن: (قام زيد) مجاز لا حقيقة، من وضع الكل موضع البعض.

والدليل على انتظام الفعل لجميع جنس القيام: أنك تعمله في جميع أجزائه، فتقول، قمت قومة، وقمت قومتين، ومائة قومة؛ وقياماً حسناً فإعمالك إياه في جميع أجزائه دليل على أنه موضوع عندهم على صلاحه لتناول الجنس كله.

ولهذا قال الشاعر:

لعمري لقد أحببتك الحب كله ... وزدتك حباً، لم يكن قبل يعرف

فاستغرق الحب كله، واستوعبه.

وقال الآخر:

وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما ... يظنان كل الظن أن لا تلاقيا!

فقوله: (كل الظن) يدل على ما ذهب إليه ابن جنى.

<<  <   >  >>