للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا القول سمع هرير كلب، فخاف أن يكون لطارق شر، فقيل، شر أهر ذا ناب أي: ما أهر ذا ناب إلا شر، تعظيماً عند نفسه أو عند مستمعه (١).

وقد فهم ابن جنى من تقديمهم النكرة على الفعل في هذا المثال: أنهم يريدون بذلك تأكيد الخبر، لأن عدم تقديمها، لا يفيد تأكيداً، لأن قولك ما قام إلا زيد، آكد من قام زيد، وقد جاء التوكيد من طريق القصر، فتقديم النكرة على الفعل هنا إنما هي لإفادة القصر.

وقد بين ابن جنى - أيضاً - أن الحال هنا تقضي التأكيد، لأن الأمر مهم، وقد راعي حال المخاطب، وحال المتلم جميعاً، عندما قال: "فقال: شر أهر ذا ناب، أي: ما أهر ذا ناب إلا شر، تعظيماً عند نفسه أو عند مستمعه.

فمطابقة الكلام لمقتضى الحال يجب أن ينظر فيها إلى حال المخاطب، والمتكلم - أيضاً - عند ابن جنى، خلافاً لما عليه المتأخرون الذين يقسمون الخبر باعتبار حال المخاطب، إلى ابتدائي، وطلبي، وإنكاري (٢) ولم يراعوا حال المتكلم.

[إفادة عبد القاهر من تلك المسألة]

وقد أفاد الإمام عبد القاهر من تلك المسألة؛ حيث أراد أن يثبت أن تقديم النكرة على الفعل يفيد الوحدة، أو الجنس، وهو يحتملهما معاً، إلا أنك إذا قصدت أحدهما دون الآخر، صار هذا الآخر - بأن لم يدخل في القصد - كأنه لم يدخل في دلالة اللفظ فإذا قلت: (رجل جاني) لم يصلح حتى تريد أن تعلمه أن الذي جاءك رجل لا امرأة ويكون كلامك مع من


(١) الخصائص ١/ ٣١٩
(٢) الإيضاح ١٢

<<  <   >  >>