للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: كإياد التي حلت، ثم قلت من بعده: حلت دارها، فدل حلت في الصلة على حلت هذه التي نصبت (دارها).

ولم يعلق ابن جنى على بيت أبي الطيب - كما رأيت - لحبه لشعر أبي الطيب المتنبي ولكن الذي علق عليه معاصره القاضي الجرجاني، كما سيأتي.

[إفادة البلاغيين من هذا الباب]

أظهر ما يميز هذا الباب هند ابن جنى: أن الشاعر فيه لا يجري على قوانين النحو، لأن فيه فصلاً بين المتضايفين، أو فصلاً بين الصفة والموصوف أو فصلاً بين الفعل والفاعل، أو تقديماً وتأخيراً بغير موجب، وتلك أمور، داخلة في نطاق النحو.

وهي - وإن دلت على شجاعة الشاعر القديم-، لارتكابه إياها، ثقة بتمكنه من ناصية اللغة - في رأي ابن جنى حيث سماها شجاعة العربية - إلا أنها في الوقت نفسه قبيحة جداً، ولا يجوز تقليد الشاعر القديم فيها، ولهذا قال: "فمثل هذا لا نجيزه للعربي أصلاً، فضلاً عن أن نتخذه للمولدين رسماص، ثم قال: "فاعرفه، واجتنبه".

ولهذا رأي القاضي الجرجاني المتوفى سنة ٣٩٢ هـ، والذي كان معاصراً لابن جنى أن مثل هذه الأمور مما يؤدي إلى هلهلة النسج، وإفساد النظم، وعدم ظهور المعنى، ووصفها بالتعقيد المفرط، ويظهر ذلك من خلال قوله معقباً على قول أبي الطيب المتنبي:

وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه ... بأن تسعدا، والدمع أشفاه ساجمه

وذلك حيث يقول: "ومن يرى هذه الألفاظ الهائلة، والتعقيد

<<  <   >  >>