للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المفرط، فيشك أن وراءها كنزاً من الحكمة، وأن في طيها الغنيمة الباردة، حتى إذا فتشها، وكشف عن سترها، وسهر ليالي متوالية فيها، حصل على أن: (وفاء كما با عاذلي بأن تسعداني إذ درس شجاي، وكلما ازداد تدارسا، ازددت له شجواً، كما أن الربع أشجاه دراسه، فما هذا من المعاني التي يضيع لها خلاوة اللفظ، وبهاء الطبع، ورونق الاستهلال ويشح عليها حتى يهلهل لأجلها النسج، ويفسد النظم، ويفصل بين الباء ومتعلقها بخبر الابتداء قبل تمامه، ويقدم، ويؤخر، ويعمي، ويعوص" (١).

وهكذا نجد أن القاضي الجرجاني قد وجد في بيت أبي الطيب الذي لم يجر فيه على قوانين النجو، ما أسماه بالتعقيد المفرط، وبفساد النظم الذي أدى إلى حفاء المعنى.

وجاء عبد القاهر الجرجاني، فأراد أن يثبت أن النظم ما هو إلا الجري على قوانين النحو، فاستدل على صحة كلامه بما قاله القاضي الجرجاني، قائلاً: ويكفيك أنهم قد كشفوا عن وجه ما أردناه؛ حيث ذكرو إفساد النظم، فليس من أحد يخالف في نحو قول الفرزدق:

وما مثله في الناس إلا مملكاً ... أبو أمه حي أبوه يقاربه

وقوله:

وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه ... بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه

وفي نظائر ذلك مما وصفوه بفساد النظم، وعابوه من جهة سوء التأليف


(١) الوساطة ٩٨
(٤ - الخصائص)

<<  <   >  >>