للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الفساد والخلل كانا من أن تعاطي الشاعر ما تعاطاه من هذا الشأن على غير الصواب، وصنع في تقديم أو تأخير، أو حذف وإضمار، أو غير ذلك مما ليس له أن يصنعه، وما لا يسوغ، ولا يصح على أصول هذا العلم.

وإذا ثبت أن سبب فساد النظم واختلاله ألا يعمل بقوانين هذا الشأن ثبت أن الحكم كذلك في مزيته والفضيلة التي تعرض فيه، وإذ ثبت جميع ذلك ثبت أن ليس هو شيئاً غير توخي معاني هذا العلم وأحكامه فيما بين الكلم" (١).

فلما جاء الخطيب القزويني سمى هذا النوع من الكلام، باسم التعقيد اللفظي، وهو ألا يكون الكلام ظاهر الدلالة على المعنى المراد بسبب خلل واقع في نظمه، فلا يدري السامع كيف يتوصل منه إلى معناه وجعل الخلوص منه شرطاً لفصاحة الكلام (٢).

غير أن أبا هلال العسكري المتوفى سنة ٣٩٥ هـ والذي كان معاصراً لابن جنى قد أطلق على ما جاء في هذا الباب عند ابن جنى: اسم المعاظلة، وجعلها من سوء النظم فقال، فمن سوء النظم: المعاظلة. وقد مدح عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - زهيراً لمجانبتها، فقال: كان لا يعاظل بين الكلام، وأصل هذه الكلمة من قولهم: تعاظلت الجرادتان، إذا ركبت إحدهما الأخرى.

ثم ذكر أن قدامة قال: لا أعرف المعاظلة إلا فاحش الاستعارة مثل قول أوس:


(١) دلائل الإعجاز ٥٨
(٢) الإيضاح ٥

<<  <   >  >>