للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولباً جدعاً

فسمى الصبي تولياً، والتوالب: ولد الحمار، وقول الآخر:

وما رقد الولدان حتى رأيته ... على البكر يمريه بساق وحافر

فسمى قدم الإنسان حافراً (١). وهذا غلط من قدامة كبير، لأن المعاظلة: في أصل الكلام إنما هي ركوب الشيء بعضه بعضاً، وسمى الكلام به إذا لم ينضد نضداً مستوياً وأركب بعض ألفاظه رقاب بعض وتداخلت أجزاؤه تشبيهاً بتعاظل الجراد وتسمية القدم بحافر ليست بمداخلة كلام، وإنما هو بعد في الاستعارة (٢).

ولكن ضياء الدين ابن الأثير قد سطا على ما قاله أبو هلال العسكري وألم بما جاء في خصائص ابن جنى من الفروق والفصول، وأطلق عليه: المعاظلة المعنوية وهو في بعض ما قاله ينقل نقل حرفياً، كلام ابن جنى، ولكنه لم يشر إليه.

وعلى الرغم من أن ابن جنى يقول في بيت الفرزدق:

إلى ملك، ما أمه من محارب ... أبوه، ولا كانت كليب تصاهره

فإنه مستقيم ولا خبط فيه، وذلك أنه أراد: إلى ملك أبوه ما أمه من محارب أي: ما أم أبيه من محارب، فقدم خبر الأب عليه، وهو جملة، كقولك: قام أخوها هند، ومررت بغلامهما أخواك (٣).


(١) نقد الشعر، لقدامة ٢٠١
(٢) الصناعتين ١٨٠
(٣) الخصائص ٢/ ٣٩٤

<<  <   >  >>