للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - حذف الموصوف: وحينئذ تقوم الصفة مقامه، وأكثر ما يكون ذلك في الشعر.

والسر في كثرته في الشعر والنثر: أن القياس يكاد يحظره، لأن الصفة في الكلام على ضربين: إما أن تكون للتخليص والتخصيص، وإما أن تكون للمدح والثناء، وكلاهما من مقامات الإسهاب والإطناب، لا من مظان الإيجاز والاختصار، وإذا كان كذلك، لم يلق الحذف بالنثر، ولا تخفيف اللفظ به.

أضف إلى هذا ما يوهمه من اللبس، وأنه مخالف للبيان، لأنك إذا قلت: مررت بطويل، لم يستبن من ظاهر هذا اللفظ، إن المرور به إنسان دون رمح، أو ثوب، أو نحو ذلك.

ولهذا لا يحذف الموصوف إلا إذا قام الدليل عليه، أو شهدت الحال به، وكلما اسقبهم الموصوف كان حذفه غير لائق بالحديث.

ومما يؤكد ضعف حذف الموصوف، وإقامة الصفة مقامه: أنك تجد من الصفات ما لا يمكن حذف موصوفه، وذلك كأن تكون الصفة جملة، نحو: مررت برجل قام أخوه، ولقيت غلاماً وجهه حسن، فلو قلت: مررت بقام أخوه، أو: لقيت وجهه حسن، لم يحسن (١).

وكذلك إن كانت الصفة جملة لم يجز أن تقع فاعلة، ولا مقامة مقام الفاعل، لأنك لا تجيز: (قام وجهه حسن) ولا (ضرب قام غلامه)، وأنت تريد: قام رجل وجهه حسن وضرب إنسان قام غلامه.

وكذلك إن كانت الصفة حرف جر، أو ظرفاً، لا يستعمل استعماله الأسماء، فلو قلت: جاءني من الكرام، أو حضرني سواك، أي إنسان سواك، لم يحسن، لأن الفاعل لا يحذف.


(١) الخصائص ٢/ ٣٦٦
(٦ - الخصائص)

<<  <   >  >>