للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الرد على ابن الأثير]

ولسنا مع ابن الأثير في قوله: "إذا وجد التشبيه - وحده - كان مجازاً. لأن المتأخرين من البلاغيين، قد عدوه في دائرة الحقيقة، لأن دلالته مطابقية (١)، وإنما أدخلوه في علم البيان لتوقف الاستعارة عليه.

كما أن ابن الأثير قد تجنى على ابن جنى، فادعى أنه قال: أما الاتساع، فهو: أنه زاد في أسماء الجهات والمحال كذا. وكذا"، والحق أن عبارة ابن جنى هي: "كأنه زاد في أسماء الجهات، والمحال اسماً هو: الرحمة"، ولكن ابن الأثير قد حذف حرف الكاف من (كأنه)، ليتسنى له غرضه من نقد كلام ابن جنى! ؛ ولهذا جاء الاضطراب الذي ادعاه! ؛ فالاضطراب ناشئ من عدم أمانة ابن الأثير في النقل، وليس ناشئاً من عبارة ابن جنى!

وقد أسلفنا لك أن مثل تلك العبارة من ابن جنى كانت أصلاً، للمتأخرين في ادعائهم دخول المشبه في جنس المشبه به، إذ قالوا: وإنما المراد، أن المدعى به ادعاءه على أن الأسد - مثلاً - جعل له بطريق التأول والمبالغة فردان:

متعارف: وهو الذي له الجراءة المتناهية، والغاية في القوة، في جثة ذي الإظفار، والأنياب، والشكل المخصوص.

غير المتعارف: وهو فرد آخر له تلك القوة والجراءة نفسها، لكن في جثة الآدمي وكان اللفظ، موضوع للقدر المشترك بينهما، كالمتواطئ،


(١) حاشيه الدسوقي (شروح التلخيص) ٣/ ٢٨٧

<<  <   >  >>