للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضربته، لأن أردت: ضربت زيداً، فلما أضمرت ضربت، فسرته بقولك: ضربته" (١).

فألم عبد القاهر بهذا الموضوع، وأحسن الإفادة منه، فسماه: الإضمار على شريطة التفسير - أخذاً من قول ابن جنى: فلما أضمرت "ضربت" فسرته .. ).

ومثل لذلك بقولهم: أكرمني وأكرمت عبد الله، أردت، أكرمني عبد الله وأكرمت عبد الله، ثم تركت ذكره في الأول استغناء بذكره في الثاني، ثم قال:

"فهذا طريق معروف، ومذهب ظاهر، وشيء لا يعبأ به، ويظن أنه ليس فيه أكثر مما تريك الأمثلة المذكورة منه، وفيه إذا أنت طلبت الشيء من معدنه، من دقيق الصنعه ومن جليلي الفائدة ما لا تجده إلا في كلام الفحول" (٢).

فلما جاء ضياء الدين ابن الأثير المتوفى سنة ٦٣٧ هـ، عكف على ما قاله ابن جنى في الحذف سواء كان من حذف الجمل، أو من حذف المفردات، ووضعه في النوع الخامس عشر من المقالة الثانية، وهو الإيجاز، إذ جعل الإيجاز قسمين: إيجازاً بالحذف، وإيجازاً بغير الحذف، متابعاً أبا هلال العسكري.

ثم ينقل عبارة عبد القاهر التي أسلفناها في بلاغة الحذف - فيقول: أما الإيجاز بالحذف فإنه عجيب الأمر شبيه، بالسحر، وذاك أنك


(١) الخصائص ٢/ ٣٧٩
(٢) دلائل الإعجاز ١٠٧
(٣) المثل السائر ٢/ ٢٦٨

<<  <   >  >>