للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد رأيت أن ابن جنى يعد قولهم: (بنو فلان يطؤهم الطريق) من باب المجاز وأنه شبه الطريق بالكيه؛ لأنه هو المؤدي إليهم؛ وهو بهذا ينحو نحو الاستعارة بالكناية.

كما أنك قد رأيت أن ابن جنى قد وضع هذا المثال في عداد ما فيه مجاز طريقة الحذف؛ لأن هذا المجاز، في المثال حقيقته: بنو فلان يطؤهم السالكون في الطريق المؤدي إليهم.

وقد أضاف إن جنى إلى هذا المثال قول الله سبحانه: "وأسئل القرية التي كنا فيها" (١)، وذكر أن فيه المعاني الثلاثة: الاتساع، والتشبيه، والتوكيد.

أما الإتساع: فلأنه استعمل لفظ السؤال مع ما لا يصح في الحقيقة، سؤاله.

وأما التشبيه: فلأنها شبهت ممن يصح سؤاله لما كان بها، ومؤلفا لها.

وأما التوكيد: فلأنه في ظار اللفظ إحالة بالسؤال عن من ليس من عادته الإجابة، فكأنهم تضمنوا لأبيهم - عليه السلام - أنه إن سال الجمادات، والجبال أنبأته بصحة قولهم، وهذا تناه في تصحيح الخبر، أي: لو سألتها لانطقها الله بصدقنا؛ فكيف لو سألت من من عادته الجواب (٢)؟ !

وهذه الآية الكريمة - أيضاً - بها مجاز طريقة الحذف، لأن


(١) يوسف ٨٢
(٢) الخصائص ٢/ ٤٤٧

<<  <   >  >>