للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنه قوله تعالى: "إن أصبح ماؤلم غوراً" أي: غائراً، وقول الخنساء

فإنما هي إقبال وإدبار

أي. مقبلة. مدبرة

والثالث: أنه إذا وصف بالمصدر، صار الموصوف كأنه - في الحقيقة - مخلوق من ذلك الفعل، وذلك لكثرةة تعاطيه له، واعتياده إياه وبدل على أن هذا معنى لهم، ومتصور في نفوسهم قوله:

ألا أصبحت أسماء جاذمة الجبل ... وضنت علينا والضنين من البخل

أي: كأنه مخلوق من البخل لكثرة ما يأتي به منه.

ومنه قول الآخر:

وهن من الإخلاف والولعان

وقوله:

وهن من الأخلاف بعدك والمطل

وأصل هذا الباب - عند ابن جنى - قول الله - عز وجل -: "خلق الإنسان من عجل"، فقولك: هذا رجل دنف بكسر النون، أقوى إعراباً، لأنه هو الصفة المحضة غير المتجوزة ولكن قولك: هذا رجل دنف بفتح النون، أقوى معنى، لكونه كأنه مخلوق من ذلك الفعل (١).

الرابع: أن هذا المعنى الذي فهمه ابن جنى من الآية الكريمة "خلق الإنسان من عجل" وهو: أنه جعل الإنسان كأنه مخلوق من العجل نفسه لكثرة فعله إياه، واعتياده له، أقوى معنى من أن يكون أراد خلق العجل


(١) الخصائص ٣/ ٢٦٠

<<  <   >  >>