"استخلاص معاني الأوصاف من الأعلام"، فقد قال فيه: ومن ذلك: ما أنشدناه، أبو علي - رحمه الله - من قول الشاعر:
أنا أبو المنهال بعض الأحيان ... ليس على حبي بضؤلان
أنشدنيه - رحمه الله - ونحن في دار الملك، وسألني عما يتعلق به الظرف الذي هو:(بعض الأحيان) فخضنا فيه؛ إلى أن برد في اليد، من جهته أنه يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون أراد: أنا مثل أبي المنهال، فيعمل في الظرف - على هذا - معنى التشبيه أي: أشبه أبا المنهال في بعض الأحيان.
والآخر: أن يكون قد عرف من أبي المنهال، هذا الغناء، والنجدة، فإذا ذكر فكأنه ذكراً، فيصير معناه إلى أنه، كأنه قال: أنا المغنى، في بعض الأحوال، أو: أنا النجد في بعض تلك الأوقات، أفلا ترى، كيف انتزعت من العلم الذي هو (أبو المنهال) معنى الصفة والفعلية؟
ثم قال: رقد مر بهذا الوضع: الطائي الكبير، فأحسن فيه، واستوفى معناه، فقال:
فلا تحسبا هنداً، لها الغدر وحدها ... سجيه نفس، كل غانية هند!
فقوله:(كل غانية هند) متناه في معناه، وآخذ لأقصى مداه، ألا ترى أنه كأنه قال؛ كل غانية غادرة، أو قاطعة، أو خائنة، أو نحو ذلك؟ ! .
ومنه قول الآخر:
إن الذئاب قد اخضرت براثنها ... والناس كلهم بكر إذا شبعوا