لأنها لحقت لفظ النفي - في الآية للكريمة وفي البيت - فعاد إيجابا
ثم يوضح معنى الإنكار هنا بأنه إنما كان الإنكار كذلك، لأن منكر الشيء إنما غرضه أن يجيله، على عكسه، وضده، ولهذا استحال به الإيجاب
وهكذا تجد أن ابن جنى قد جعل همزة الاستفهام - في موضع من كتابه - للتقرير، وجعلها - في موضع آخر - للإنكار، والأمثلة واحدة في الموضعين وهو محقق في الموضعين!
فقد بين لنا عبد القاهر، كيف أن التقرير، والإنكار يجتمعان في مثال واحد، وذلك إذ يقول بعد أن أورد أمثلة للاستفهام التقريري مع تقديم المسند إليه: وأعلم أن الهمزة - فيما ذكرنا - تقرير بفعل قد كان، وإنكار له لم كان، وتوبيخ لفاعله عليه، ومن الأمثلة التي أشار إليها عبد القاهر بذلك القول قوله تعالى - حكاية عن قول نروذ - وأأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم (١)".
ولهذا يقول الخطيب: إن من مجيء الهزة للإنكار، نحو قوله تعالى "أليس الله بكاف عبده؟ ! " وقول جرير:
ألستم خير من ركب المطايا ... وأتدى العالمين بطون راح؟ !
أي: ألله كاف عبده، وأنتم خير من ركب المطايا، لأن نفي النفي إثبات ثم قال: وهذا مراد من قال: إن الهمزة فيه للتقرير، أي: للتقرير بما