للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤ - أن الذي سأله تصنيف هذا الكتاب إنما هو بعض تلاميذه ممن آنس بصحبته وأرتضى حال أخذ عنه، وأنه سأل فأطال المسألة وأكثر الحفاوة والمبلاينة حتى أجابه إلى طلبه.

ويحسن أن نستمع إلى ابي الفتح عثمان بن جنى يسف كتابه "الخصائص" وهو يقدمه إلى بهاء الدولة، "هذا - أطال الله بقاء مولانا الملك السيد المنصور المؤيد، بهاء الدولة، وضياء الملة، وغياث الأمة. وأدام ملكه ونصره، وسلطانه، ومجده، وتأييده، وسموه، وكبت شانئه وعدوه - كتاب لم أزل على فارط الحال، وتقادم الوقت، ملاحظاً له، عاكف الفكر عليه، منجذب الرأي، والروية إليه، وإذا أن أجد مهملاً، أصله به، أو خللاً، أرتقه بعمله، والوقت يزداد بنواديه ضيقاً، ولا ينهج لي إلى الابتداء طريقاً هذا مع إعظامي له، وإعصامي بالأسباب المنتاطه به، واعتقادي فيه، أنه من أشرف ما صنف في علم العرب وأذهبه في طريق القياس والنظر، وأعوده عليه بالحيطة والصون، وآخذه له، من حصة التوقير والأون، وأجمعه للأدلة على ما أودعته هذه اللغة الشريفة: من خصائص الحكمة، ونيطت به من علائق الاتقان والصنعة فكانت مسافر وجوهه، ومحاسر أذرعه وسوقه، تصف لي ما اشتملت عليه مشاعره، وتحى إلى بما خيطت عليه من أقرابه وشواكله، وتريني أن تعريد كل من الفريقين البصريين، والكوفيين عنه، وتحاميهم طريق الإلمام به، والخوض في أدنى أو شاله وخلجه، فضلاً عن اقتحام غماره ولججه، إنما كان لإمتناع جانبه، وانتشار شعاعه، وبادي تهاجر قوانينه وأوضاعه وذلك أنا لم نر أحداً من علماء البلدين تعرض لعمل أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه. فأما كتاب أصول أبي بكر، فلم يلمم فيه بما نحن عليه إلا حرفاً أو حرفين في أوله، وقد تعلق عليه به، وسنقول في معناه.

على أن أبا الحسن، قد كان صنف في شيء من المقاييس كتيباً، إذا

<<  <   >  >>