فليست خراسان التي كان خالد ... بها أسد، إذ كان سيفاً أميرها
وقد ذكر ابن جنى أن حديث هذا البيت طريف، وهو: أنه - فيما ذكر - يمدح خالد بن الوليد ويهجو أسداً، وكان أسد وليها بعد خالد، قالوا: فكأنه قال: وليست خراسان بالبلدة التي كان خالد بها سيفاً، إذ كان أسد أميرها، ففي كان - على هذا - ضمير الشأن والحديث، والجملة بعدها، التي هي (أسد أميرها) خبر عنها، وفي هذا التنزيل أشياء: منها الفصل بين اسم كان الأولى وهو (خالد) خبر عنها، وفي هذا التنزيل أشياء: منها الفصل بين اسم كان الأولى وهو (خالد) وبين خبرها، الذي هو (سيفاً) بقوله: (بها أسد إذ كان)، وفيها: أنه قدم بعض ما "إذ" مضافة إليه، وهو (أسد) عليها، وفي تقديم المضاف إليه، أو شيء منه على المضاف من القبح والفساد مالا خفاء به ولا ارتياب. وفيه - أيضاً -: أن (أسد) أحد جزأي الجملة المفسرة للضمير على شريطة التفسير، يعني ما في كان منه، وهذا الضمير، لا يكون تفسير إلا من بعده، ولو تقدم تفسيره قبله لما احتاج إلى تفسير (١).
ومن الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالنداء قول الشاعر:
كأن برذون أبا عصام ... زيد حمار دق باللجام
أي كأن برذوق زيد - با أبا عصا - حمار دق باللجام.
وأما الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف والجار والمجرور فإنه كثير، ولكنه قبيح، وهو من ضرورات الشعراء.