للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل هي عندنا خدمة منهم للمعاني، وتنويه بها؛ وتشريف منها، ونظير ذلك: إصلاح الوعاء وتحصينه، وتزكيته، وتقديسه، وإنما المبغى بذلك منه الاحتياط للمدعى عليه، وجواره بما يعطر بشره، ولا يعر جوهره، كما قد نجد من المعاني الفاخرة السامية ما يهجنه، ويغض منه كدرة لفظه، وسوء العبارة عنه (١).

ويفهم من كلام ابن جنى ما يلي:

١ - أن عناية العرب بالألفاظ؛ إنما هي عناية بالمعاني، لأن الألفاظ عنوان للمعاني، وطريق إلى إظهار الأغراض، والمقاصد؛ فهم إنما أصلحوا الألفاظ ورتبوها، وبالغوا في تحبيرها، وتحسينها، لتكون أوقع في السمع، وأبلغ في الدلالة على القصد.

٢ - مظاهر عناية العرب بالألفاظ إنما تتجلى في الأشعار والخطب، والأسجاع.

٣ - الألفاظ خدم للمعاني، فإذا ما اعتنوا بها، كان ذلك تشريفاً للمعاني وتنويهاً بذكرها.

٤ - الألفاظ أوعية للمعاني، والعناية بالوعاء عناية بالمدعى عليه.

٥ - من المعاني ما يهجنه سوء التعبير عنه.

وابن جنى هنا متأثر بفكرة ابن قيبة المتوفى سنة ٢٧٦ هـ التي قسم على أساسها الشعر إلى أربعة أضرب:

الأول: ما حسن لفظه، وجاد معناه.


(١) الخصائص لابن جنى ١/ ٢١٧

<<  <   >  >>