للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: أن يكون لمجرد الاختصار؛ كقوله تعالى: "وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيدكم وما خلفكم لعلكم ترحمون" أعرضوا؛ بدليل قوله بعده: "إلا كانوا عنها معرضين".

والثاني: أن يحذف للدلالة على أنه شيء لا يحيط به الوصف، أو لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن؛ كقوله تعالى: "ولو ترى إذ وقفوا على النار" وقوله: "ولو ترى إذ وقفو على ربهم".

وأما ما يكون جملة: فهو إما مسبب ذكر سببه، كقوله تعالى: "ليحق الحق ويبطل الباطل"؛ أي فعل مافعل.

وإما أن يكون سبباً ذكر مسببه: كقوله تعالى: "فتوبوا إلى بارئكم؛ فأقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم، ؛ أي فامتثلتم؛ فتاب عليكم

وإما ألا يكون سبباً ولا مسبباً كقوله تعالى: "فنعم الماهدون".

وأما ما يكون أكثر من جملة. فكقوله تعالى: "فقلنا أضربوه ببعضها؛ كذلك يحي الله الموتى"؛ أي فضربوه ببعضها، فحي؛ فقلنا كذلك يحى الله الموتى.

ثم رأى الخطيب أن الحذف على وجهين:

أحدهما: أن لا يقام شيء مقام المحذوف - كما سبق -.

والآخر: أن يقام مقامه ما يدل عليه، كقوله تعالى: فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم، أي: فإن تولوا فلا لوم علي لأني قد أبلغتكم (١)

وهكذا وجد موضوع الحذف؛ الذي ذكره ابنى جنى في باب شجاعة العربية؛ منوهاً به بين الأساليب العربية؛ مكانه في البلاغة العربية.


(١) الإيضاح ١١٠

<<  <   >  >>