أحدهما: أن يكون لمجرد الاختصار؛ كقوله تعالى:"وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيدكم وما خلفكم لعلكم ترحمون" أعرضوا؛ بدليل قوله بعده:"إلا كانوا عنها معرضين".
والثاني: أن يحذف للدلالة على أنه شيء لا يحيط به الوصف، أو لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن؛ كقوله تعالى:"ولو ترى إذ وقفوا على النار" وقوله: "ولو ترى إذ وقفو على ربهم".
وأما ما يكون جملة: فهو إما مسبب ذكر سببه، كقوله تعالى:"ليحق الحق ويبطل الباطل"؛ أي فعل مافعل.
وإما أن يكون سبباً ذكر مسببه: كقوله تعالى: "فتوبوا إلى بارئكم؛ فأقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم، ؛ أي فامتثلتم؛ فتاب عليكم
وإما ألا يكون سبباً ولا مسبباً كقوله تعالى: "فنعم الماهدون".
وأما ما يكون أكثر من جملة. فكقوله تعالى: "فقلنا أضربوه ببعضها؛ كذلك يحي الله الموتى"؛ أي فضربوه ببعضها، فحي؛ فقلنا كذلك يحى الله الموتى.
ثم رأى الخطيب أن الحذف على وجهين:
أحدهما: أن لا يقام شيء مقام المحذوف - كما سبق -.
والآخر: أن يقام مقامه ما يدل عليه، كقوله تعالى: فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم، أي: فإن تولوا فلا لوم علي لأني قد أبلغتكم (١)
وهكذا وجد موضوع الحذف؛ الذي ذكره ابنى جنى في باب شجاعة العربية؛ منوهاً به بين الأساليب العربية؛ مكانه في البلاغة العربية.