للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعناها كالآية السابقة.

ثانيًا: ليس في عذاب القبر شك عند أهل السنة، وهم السواد الأعظم من المسلمين. وقد دل عليه عندهم أحاديث كثيرة صريحة، تبلغ بمجموعها حد التواتر (١)، مروية في كتب: الصحاح، والسنن، والمسانيد، وغيرها من كتب الحديث. وقد جمعها بعض الأئمة في مصنفات خاصة، منهم: الإمام البيهقي، وسمى كتابه: "إثبات عذاب القبر وسؤال الملكين" (٢).

ثالثًا: يستدل منكرو عذاب القبر على إنكارهم له بقوله تعالى: {قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس:٥٢]. وأنهم لو كانوا يعذبون لم يكن القبر على هيئة المرقد لهم.

والجواب عن استدلالهم هذا:

١ - أن المراد بقولهم: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس:٥٢]؟ أي: من بعثنا من قبورنا ومضاجعنا؟ وليس في الآية أنهم لم يكونوا يعذبون فيها.

٢ - أن النفخة في الصور لهولها وعظمها أنستهم ما كانوا فيه من عذاب في قبورهم.

٣ - قيل: إنه بعد النفخة الأولى ينقطع العذاب والنعيم عن أهل القبور فينامون حتى النفخة الثانية، فإذا سمعوها خرجوا من قبورهم وقالوا: {يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس:٥٢].

٤ - لا يلزم من إثبات عذاب القبر استمراره إلى يوم القيامة، بل هو عائد إلى مشيئة الله تعالى، فلعل النفخة الثانية تكون في وقت انقطاع العذاب عنهم وفي حال نومهم.

والله أعلم.


(١) انظر: الحاشية السابقة.
(٢) قال الإمام الآجري بعد أن ذكر الأحاديث المثبتة لعذاب القبر: «ما أسوأ حال من كذب بهذه الأحاديث، لقد ضل ضلالًا بعيدًا وخسر خسرانًا مبينًا». الشريعة للآجري (٣/ ١٢٨٧).

<<  <   >  >>