للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: أن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قد اختلف العلماء فيه:

١ - منهم من غلّطه ووهمه، كالقرطبي وابن عبد البر. فقد نقل القرطبي عن ابن عبد البر قوله: «ورواية طاوس وهم وغلط، لم يعرج عليها أحد من فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق والمشرق والمغرب. وقد قيل: إن أبا الصهباء لا يُعرف في موالي ابن عباس» (١).

٢ - منهم من صحح الرواية عنه ولكنه تأولها، كالقاضي أبي الوليد الباجي، حيث قال: «وعندي أن الرواية عن ابن طاوس بذلك صحيحة، فقد رواه عنه الأئمة معمر وابن جريج وغيرهما. وابن طاوس إمام» (٢).

وقال: «ومعنى الحديث: أنهم كانوا يوقعون طلقة واحدة بدل إيقاع الناس ثلاث تطليقات.

ويدل على صحة هذا التأويل أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: (إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ). فأنكر عليهم أن أحدثوا في الطلاق استعجال أمر كانت لهم فيه أناة» (٣).

وقال: «ويدل على صحة هذا التأويل: ما روي عن ابن عباس من غير طريق: أنه أفتى بلزوم الطلاق الثلاث لمن أوقعها مجتمعة» (٤).

ووافق القاضي الباجي في تأويله هذا: الكيا الطبري وعلماء الحديث وغيرهم. قاله القرطبي في تفسيره (٥).


(١) نفس المصدر السابق. وانظر: الاستذكار لابن عبد البر (٦/ ٦).
(٢) المنتقى شرح الموطأ لأبي الوليد الباجي (٤/ ٤).
(٣) نفس المصدر السابق.
(٤) نفس المصدر السابق.
(٥) قال القرطبي: «ما تأوله الباجي هو الذي ذكر معناه الكيا الطبري عن علماء الحديث». تفسير القرطبي (٣/ ١٣٠).

<<  <   >  >>