للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ) يريد به: القرآن والسنة؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ)؛ لأن هذا اللفظ والحكم ثابت في السنة، وليس في القرآن. وإلى هذا نحا ابن بطّال علي بن خلف القرطبي، حيث قال: «قوله: (كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ) (١) معناه: في حكم الله وقضائه من كتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الأمة» (٢).

٣ - قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو جالس على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ) (٣).

فقوله: (وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ) أي: أصله، ثم بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله.

وقال ابن حجر في معنى قول عمر - رضي الله عنه - هذا: «أي: في قوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥)} [النساء:١٥]. فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المراد به: رجم الثيب، وجلد البكر، كما تقدم التنبيه عليه في قصة العسيف» (٤).

وفي تسمية السنة بـ"كتاب الله" دلالات عظيمة، منها:

١ - زيادة الاعتناء بها وأهميتها، وعظم شأنها ومكانتها في التشريع الإسلامي، وكونها وحيًا من عند الله - عز وجل -.

٢ - مساواة أحكامها لأحكام القرآن الكريم، وعدم جواز التفريق بينهما في ذلك.


(١) كذا في شرح صحيح البخاري لابن بطال، وقد تقدم في لفظ الحديث: أن نصه في الصحيحين: (لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ). وقد تقدم تخريجه في الحاشية السابقة.
وأما لفظة الحديث التي ذكرها ابن بطال - (كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ) - فأخرجها في: مسند أحمد (٤٢/ ٣٢١)، رقم (٢٥٥٠٤)، وسنن ابن ماجة، كتاب العتق، باب المكاتب (٢/ ٨٤٢)، رقم (٢٥٢١)، والمجتبى من السنن للنسائي "المشهور بـ: سنن النسائي"، كتاب الطلاق، باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك (٦/ ١٦٤)، رقم (٣٤٥١). وقال الألباني: «صحيح». صحيح سنن ابن ماجة للألباني (٢/ ٣١٢)، رقم (٢٠٥٩).
(٢) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٧/ ٧٩).
(٣) صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت (٨/ ١٦٩)، رقم (٦٨٣٠)، وصحيح مسلم، كتاب الحدود، باب رجم الثيب في الزنى (٣/ ١٣١٧)، رقم (١٦٩١).
(٤) فتح الباري لابن حجر (١٢/ ١٤٨).

<<  <   >  >>