كتاب مع المشككين في السنة

الفصل الثالث دحض مطاعن الأغبياء في سنة سيد الأنبياء - الشبهة الثانية اتهام الصحابة باللغط لما هَمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب لهم كتابًا في مرض موته - ص: 250

رابعًا: قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - غَلَبَهُ الوَجَعُ) ليس معناه: أنه صار يهذي ويتكلم بما لا يعي، كما فسَّره به صاحب الرسالة. فحاشاه - رضي الله عنه - أن يصدر منه هذا المعنى في حق النبي المعصوم - عليه الصلاة والسلام - الذي هو أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه (١)، بل كيف يصدر منه وهو - رضي الله عنه - المُحدَّث (٢) -أي: الملهم (٣) - العبقري الذي شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة (٤)

---

(١) عن عبد الله بن هشام - رضي الله عنه - قال: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: لَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: الآنَ يَا عُمَرُ). صحيح البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - (٨/ ١٢٩)،
رقم (٦٦٣٢).
(٢) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي هَذِهِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ). صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار (٤/ ١٧٤)، رقم (٣٤٦٩)، وصحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب من فضائل عمر رضي الله تعالى عنه (٤/ ١٨٦٤)، رقم (٢٣٩٨). وهو في صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) جاء في نهاية الحديث في صحيح مسلم: (قَالَ ابْنُ وَهْبٍ -وهو أحد رجال سند الحديث-: تَفْسِيرُ مُحَدَّثُونَ: مُلْهَمُونَ). صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب من فضائل عمر رضي الله تعالى عنه (٤/ ١٨٦٤)، رقم (٢٣٩٨).
(٤) عن سعيد بن زيد - رضي الله عنه - قال: (أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: عَشْرَةٌ فِي الْجَنَّةِ النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ)، الحديث. مسند أحمد (٣/ ١٧٤)، رقم (١٦٢٩)، وسنن ابن ماجة، المقدمة، فضائل العشرة - رضي الله عنهم - (١/ ٤٨)، رقم (١٣٣)، وسنن أبي داود، كتاب السنة، باب في الخلفاء (٤/ ٢١٢)، رقم (٤٦٤٩)، وسنن الترمذي، أبواب المناقب، باب مناقب عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف الزهري - رضي الله عنه - (٥/ ٦٤٨)، رقم (٣٧٤٨). وقال الألباني: «صحيح». صحيح سنن ابن ماجة للألباني (١/ ٦٢)، رقم (١١٠).