للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا إدخال صاحب الرسالة له ضمن أحاديث الصحيح التي أخل فيها البخاري بشرطه ثم استنكاره على من يقول: "إن كتاب البخاري كله صحيح" فجهل ما بعده جهل، ورزيَّة يجل عنها كل رزيَّة. والموفق من وفَّقه الله.

ثالثًا: أن هذا الحديث بالإسناد الذي فيه عبد الله بن محمد بن عقيل ضعيف، كما قال صاحب الرسالة، ولكنْ له طرق أخرى يرتقي بها إلى درجة الحسن، منها:

١ و ٢ - أخرج الطبراني في "مسند الشاميين" وتمَّام في "فوائده" من طريق الحجاج بن دينار عن محمد المنكدر عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، وساق الحديث بطوله، وفيه: (فَقَالَ -يعني: عبد الله بن أُنَيْس - رضي الله عنه -: نَعَمْ يَا جَابِرُ! سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قُبُورِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً بُهْمًا، يُنَادِي بِصَوْتٍ رَفِيعٍ غَيْرِ فَظِيعٍ، يَسْمَعُ مَنْ بَعُدَ كَمَنْ قَرُبَ، فَيَقُولُ: أَنَا الدَّيَّانُ، لَا تَظَالُمَ الْيَوْمَ، وَعِزَّتِي لَا يُجَاوِزُنِي الْيَوْمَ ظُلْمُ ظَالِمٍ وَلَوْ لَطْمَةَ كَفٍّ بِكَفٍّ أَوْ يَدٍ عَلَى يَدٍ) (١)، الحديث.

٣ - أخرج الخطيب البغدادي في "الرحلة في طلب الحديث" من طريق أبي جارود العبسي -وقيل: العنسي- عن جابر - رضي الله عنه -، بنحوه (٢).

فهذه الطرق الثلاث يقوِّي بعضها بعضًا.

وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ليس كما قال صاحب الرسالة: إنه «ضعيف جدًا». وإنما ضعفه يسير على الراجح من أقوال العلماء، وهو كما قال الترمذي فيه: «صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه» (٣). قال: «وسمعت محمد بن إسماعيل -يعني: البخاري- يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحُميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل. قال محمد -يعني: ابن إسماعيل البخاري-: وهو مقارب الحديث» (٤).

وقال عنه ابن حجر: «صدوق، في حديثه لين، ويقال: تغير بآخرة» (٥).


(١) مسند الشاميين للطبراني (١/ ١٠٤)، رقم (١٥٦)، والفوائد لتمَّام "المشهور بـ: فوائد تمَّام" (١/ ٣٦٤ - ٣٦٥)، رقم (٩٢٨). وقال ابن حجر: «إسناده صالح». فتح الباري لابن حجر (١/ ١٧٤).
(٢) الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي، ذكر من رحل في حديث واحد من الصحابة الأكرمين - رضي الله عنهم - أجمعين (ص:١١٧)، رقم (٣٣). وقال ابن حجر: «في إسناده ضعف». فتح الباري لابن حجر (١/ ١٧٤).
(٣) سنن الترمذي (١/ ٨).
(٤) نفس المصدر السابق.
(٥) تقريب التهذيب لابن حجر (ص:٣٢١).

<<  <   >  >>