للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - قال الإمام ابن القيم: «مما يظن أنه مجاز وليس بمجاز: لفظ "النداء الإلهي". وقد تكرر في الكتاب والسنة تكرارًا مطردًا في محاله، متنوعًا يمنع حمله على المجاز، فأخبر تعالى: أنه نادى الأبوين في الجنة، ونادى كليمه، وأنه ينادي عباده يوم القيامة. وقد ذكر سبحانه النداء في تسعة مواضع في القرآن، أخبر فيها عن ندائه بنفسه، ولا حاجة إلى أن يقيد النداء بالصوت؛ فإنه بمعناه وحقيقته باتفاق أهل اللغة، فإذا انتفى الصوت انتفى النداء قطعًا، ولهذا جاء إيضاحه في الحديث الصحيح الذي بلغناه الصحابة والتابعون وتابعوهم، وسائر الأمة تلقته بالقبول. وتقييده بالصوت إيضاحًا وتأكيدًا، كما قيد التكليم بالمصدر في قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)} [النساء:١٦٤].

قال البخاري في صحيحه: حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا أبو صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يَقُولُ اللَّهُ - عز وجل - يَوْمَ القِيَامَةِ: يَا آدَمُ! فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ) (١)» (٢).

{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس:٣٢]؟ وأيضًا: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} [الحج:٤٦].

والحمد لله رب العالمين.


(١) صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الحج:٢] (٦/ ٩٧)، رقم (٤٧٤١).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم للبعلي (ص:٤٨٧).

<<  <   >  >>