للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: غَيْرُهُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَلَفْظُ النَّارِ مَثَلًا غَيْرُهَا بِلَا شَكٍّ وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْمَنْقُولُ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ فِي اسْمِ اللَّهِ أَنَّ مَدْلُولَهُ الذَّاتُ مِنْ حَيْثُ هِيَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْعَالِمِ فَمَدْلُولُهُ الذَّاتُ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ كَمَا قَالَ لَا يُفْهَمُ مِنْ اسْمِ اللَّهِ سِوَاهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الصِّفَاتِ فَيُفْهَمُ مِنْهَا زِيَادَةٌ عَلَى الذَّاتِ مِنْ عِلْمٍ وَغَيْرِهِ

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ) أَيْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمٌ إلَّا بِتَوْقِيفٍ مِنْ الشَّرْعِ وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ يَجُوزُ أَنْ تُطْلَقَ عَلَيْهِ الْأَسْمَاءُ اللَّائِقُ مَعْنَاهَا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ بِهَا الشَّرْعُ وَمَالَ إلَى ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمَرْءَ يَقُولُ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى التَّعْلِيقِ

ــ

[حاشية العطار]

{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي} [الشورى: ١٠] كَمَا قَالَ {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: ١١٠] وَلَمْ يَقُلْ اُدْعُوا بِاَللَّهِ وَلَا بِالرَّحْمَنِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: غَيْرُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: ١١٠] وَلَا بُدَّ مِنْ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الشَّيْءِ وَبَيْنَ مَا هُوَ لَهُ وَلِتَعَدُّدِ الْأَسْمَاءِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسَمَّى وَعَلَى الْمُغَايَرَةِ ظَاهِرُ قَوْلِ صَاحِبِ الْهَمْزِيَّةِ:

لَك ذَاتُ الْعُلُومِ مِنْ عَالِمِ الْغَ ... يْبِ وَمِنْهَا لِآدَمَ الْأَسْمَاءُ

هَذَا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالِاسْمِ اللَّفْظُ فَهُوَ غَيْرُ مُسَمَّاهُ قَطْعًا وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ فَهُوَ عَيْنُهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ جَامِدٍ وَمُشْتَقٍّ وَنِعْمَ مَا قَالَ الْكَمَالُ لَمْ يَظْهَرْ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا يَصْلُحُ مَحَلًّا لِنِزَاعِ الْعُلَمَاءِ وَفِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ إنَّ الْخِلَافَ فِيمَا صَدَقَاتِ الِاسْمِ وَلَفْظُ اسْمٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ اسْمٌ مِنْ الْأَسْمَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى تَأْوِيلِهِ لِمَا قَالَ فِي الْمَوَاقِفِ لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ النِّزَاعُ فِي لَفْظِ فَرَسٍ هَلْ هُوَ نَفْسُ الْحَيَوَانِ الْمَخْصُوصِ أَوْ غَيْرُهُ بَلْ فِي مَدْلُولِ الِاسْمِ أَهِيَ الذَّاتُ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ أَمْ بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ صَادِقٍ عَلَيْهِ عَارِضٍ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ مَدْلُولَهُ الذَّاتُ مِنْ حَيْثُ هِيَ) قَالَ سَيِّدِي مُحْيِي الدِّينِ مَا ثَمَّ اسْمُ عَلَمٍ لِلَّهِ أَبَدًا فِيمَا وَصَلَ إلَيْنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا أَظْهَرَ أَسْمَاءَهُ لَنَا لِنُثْنِيَ عَلَيْهِ بِهَا، وَالْأَعْلَامُ لَا يُثْنَى بِهَا لِتَمَحُّضِهَا لِلذَّاتِ دُونَ مَعْنًى زَائِدٍ اهـ.

وَفِيهِ مَيْلٌ لِمَا قِيلَ أَنَّ لَفْظَ الْجَلَالَةِ أَصْلُهَا صِفَةٌ وَاشْتُهِرَ أَنَّهُ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الدَّاعِي فَكُلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى دَعَا الْعَبْدُ بِهِ رَبَّهُ مُسْتَغْرِقًا فِي بَحْرِ التَّوْحِيدِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِي فِكْرِهِ حَالَتَئِذٍ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَقَدْ سُئِلَ أَبُو يَزِيدَ الْبِسْطَامِيُّ عَنْ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مَحْدُودٌ إنَّمَا هُوَ فَرَاغُ قَلْبِك لِوَحْدَانِيِّتِهِ فَإِذَا كُنْت كَذَلِكَ فَادْعُ بِأَيِّ اسْمٍ شِئْت فَإِنَّكَ تَسِيرُ بِهِ إلَى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اهـ.

وَقَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ إنَّمَا خَصَّ الْأَمْرَ فِي الِاسْتِعَاذَةِ بِاسْمِ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ؛ لِأَنَّ الطُّرُقَ الَّتِي يَأْتِينَا الشَّيْطَانُ مِنْهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ فَأَمَرَنَا بِالِاسْتِعَاذَةِ بِالِاسْمِ الْجَامِعِ فَكُلُّ طَرِيقٍ جَاءَ مِنْهَا يَجِدُ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى مَانِعًا لَهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْنَا بِخِلَافِ الْأَسْمَاءِ الْفُرُوعِ وَقَالَ أَيْضًا فِي قَوْله تَعَالَى {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: ٥٠] إنَّمَا جَاءَنَا بِالِاسْمِ الْجَامِعِ الَّذِي هُوَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ فِي عُرْفِ الطَّبْعِ الِاسْتِنَادُ إلَى الْكَثْرَةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ» فَالنَّفْسُ يَحْصُلُ لَهَا الْأَمَانُ بِاسْتِنَادِهَا إلَى الْكَثْرَةِ فَاَللَّهُ تَعَالَى مَجْمُوعُ أَسْمَاءِ الْخَيْرِ وَمَنْ تَحَقَّقَ مَعْرِفَةَ الْأَسْمَاءِ الْإِلَهِيَّةِ وَجَدَ أَسْمَاءَ الْأَخْذِ وَالِانْتِقَامِ قَلِيلَةً وَأَسْمَاءَ الرَّحْمَةِ كَثِيرَةً فِي سِيَاقِ الِاسْمِ اللَّهِ اهـ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ بَلْ هُوَ غَيْرُهُ إنْ كَانَ صِفَةَ فِعْلٍ كَالْخَالِقِ وَلَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ إنْ كَانَ صِفَةَ ذَاتٍ كَالْعَالِمِ وَالْقَادِرِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ صِفَاتِ الذَّاتِ لَيْسَتْ عَيْنًا وَلَا غَيْرًا أَيْ مُنْفَكَّةً وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا يَجْرِي فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ خَاصَّةً وَبِالْجُمْلَةِ فَكَلَامُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُضْطَرِبٌ مَعَ قِلَّةِ جَدْوَاهَا.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ) هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَشْعَرِيُّ وَمُتَابِعُوهُ (قَوْلُهُ: وَمَالَ إلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ) فَقَالَ كُلُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى مَعْنًى ثَابِتٍ لِلَّهِ جَازَ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ بِلَا تَوْقِيفٍ إذَا لَمْ يَكُنْ إطْلَاقُهُ مُوهِمًا فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ لَفْظُ عَارِفٍ وَفَقِيهٍ وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ لَا بُدَّ مَعَ نَفْيِ ذَلِكَ الْإِيهَامِ مِنْ الْإِشْعَارِ بِالتَّعْظِيمِ وَذَهَبَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ إلَى جَوَازِ إطْلَاقِ مَا عُلِمَ اتِّصَافُهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى طَرِيقِ التَّوَصُّفِ دُونَ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّ إجْزَاءَ الصِّفَةِ إخْبَارٌ بِثُبُوتِ مَدْلُولِهَا فَيَجُوزُ عِنْدَ ثُبُوتِ الْمَدْلُولِ إلَّا لِمَانِعٍ بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>