(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا حَالَّ أَيْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ خِلَافًا لِلْقَاضِي) أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ (إمَامِ الْحَرَمَيْنِ) فِي قَوْلِهِمَا كَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ كَالْعَالَمِيَّةِ وَاللَّوْنِيَّةِ لِلسَّوَادِ مَثَلًا وَعَلَى الْأَوَّلِ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَعْدُومِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ النَّسَبَ وَالْإِضَافَاتِ أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ) يَعْتَبِرُهَا الْعَقْلُ (لَا وُجُودِيَّةٌ) بِالْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ وَقَالَ الْحُكَمَاءُ الْأَعْرَاضُ النِّسْبِيَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ وَهِيَ سَبْعَةٌ الْأَيْنَ
ــ
[حاشية العطار]
لَا يَتَجَزَّأُ أَوْ مِنْ أَدِلَّةِ الْإِبْطَالِ لَوْ فَرَضْنَا جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ بَيْنَ جُزْأَيْنِ وَتَلَاصَقَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَسَطُ مَانِعًا مِنْ التَّلَاقِي أَوْ لَا، لَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَزِمَ تَدَاخُلُ الْأَجْسَامِ فَتَعَيَّنَ الثَّانِي فَمَا بِهِ يُلَاقِي أَحَدَ الْجُزْأَيْنِ غَيْرُ مَا بِهِ يُلَاقِي الْآخَرَ فَيَلْزَمُ انْقِسَامُهُ وَالْغَرَضُ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْقَسِمٍ هَذَا خُلْفٌ وَلِلْفَرِيقَيْنِ أَدِلَّةٌ غَيْرُ هَذَيْنِ ذَكَرْنَا مِنْهَا بَعْضَهَا فِي حَوَاشِي الْمَقُولَاتِ الْكُبْرَى.
قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَأَدِلَّةُ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ لَا تَخْلُو عَنْ ضَعْفٍ وَلِهَذَا مَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى التَّوَقُّفِ كَذَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ النَّسَفِيَّةِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ إنَّ الْأَجْسَامَ مُتَمَاثِلَةٌ أَيْ مُتَّحِدَةٌ بِالْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ بِالْعَوَارِضِ وَهَذَا أَصْلٌ يَنْبَنِي عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ كَإِثْبَاتِ الْقَادِرِ الْمُخْتَارِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَحْوَالِ النُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ فَإِنَّ اخْتِصَاصَ كُلِّ جِسْمٍ بِصِفَاتِهِ الْمُعَيَّنَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِمُرَجِّحٍ مُخْتَارٍ إذْ نِسْبَةُ الْمُوجَبِ إلَى الْكُلِّ عَلَى السَّوَاءِ وَلَمَّا صَارَ عَلَى كُلِّ جِسْمٍ مَا يَجُوزُ عَلَى الْآخَرِ كَالْبَرْدِ عَلَى النَّارِ وَالْحَرْقِ عَلَى الْمَاءِ ثَبَتَ جَوَازُ مَا نُقِلَ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ وَأَحْوَالِ الْقِيَامَةِ وَمَبْنَى هَذَا الْأَصْلِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ أَجْزَاءَ الْجِسْمِ لَيْسَتْ إلَّا الْجَوَاهِرُ الْفَرْدَةُ وَإِنَّهَا مُتَمَاثِلَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا اخْتِلَافُ حَقِيقَةٍ وَلَا مَحِيصَ لِمَنْ اعْتَرَفَ بِتَمَاثُلِ الْجَوَاهِرِ وَاخْتِلَافِ الْأَجْسَامِ بِالْحَقِيقَةِ مِنْ جَعْلِ بَعْضِ الْأَعْرَاضِ دَاخِلَةً فِيهَا اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا حَالَ) هِيَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِمَوْجُودٍ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً وَلَا مَعْدُومَةً وَجُمْهُورُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى نَفْيِهَا (قَوْلُهُ: وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ) أَيْ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ ثُمَّ رَجَعَ ثَانِيًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الطَّوَالِعِ وَشَرْحِ التَّجْرِيدِ أَيْضًا وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي الشَّامِلِ وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ فِي الْمَدَارِكِ كَمَا نَقَلَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا الْوُجُودُ وَصْفٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوُجُودَاتِ كُلِّهَا وَهُوَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ إذْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا لَسَاوَى غَيْرَهُ مِنْ الْمَاهِيَّاتِ فِي الْوُجُودِ فَيَزِيدُ وُجُودُ الْوُجُودِ عَلَى مَاهِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَاهِيَّتَهُ مُخَالِفَةٌ لِسَائِرِ الْمَاهِيَّاتِ وَمَا بِهِ الْمُسَاوَاةُ زَائِدٌ عَلَى مَا بِهِ الْمُخَالَفَةُ فَلِلْوُجُودِ وُجُودٌ آخَرُ زَائِدٌ عَلَيْهِ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ الْأَوَّلِ وَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ وَأَنَّهُ مُحَالٌ فَثَبَتَ أَنَّ الْوُجُودَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَلَا مَعْدُومٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَّصِفُ الْوُجُودُ بِمُنَافِيهِ وَهُوَ الْعَدَمُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْوُجُودُ مَوْجُودًا وَلَا مَعْدُومًا كَانَ صِفَةً غَيْرَ مَوْجُودَةٍ وَلَا مَعْدُومَةٍ قَائِمَةً بِمَوْجُودٍ وَهُوَ الْحَالُ.
وَأُجِيبَ مِنْ ظَرْفِ النَّافِي بِمَنْعِ قَوْلِهِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا لَسَاوَى غَيْرَهُ إلَخْ بِأَنَّ وُجُودَهُ عَيْنُ ذَاتِهِ وَيَمْتَازُ عَنْ سَائِرِ الْوُجُودَاتِ بِقَيْدٍ سَلْبِيٍّ وَهُوَ أَنَّ وُجُودَهُ غَيْرُ عَارِضٍ لِلْمَاهِيَّةِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْوُجُودَاتِ فَلَا يَتَسَلْسَلُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَتِمُّ عَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيِّ فَإِنَّ وُجُودَ الْمَاهِيَّاتِ عِنْدَهُ غَيْرُ عَارِضٍ لَهَا وَلَا عَلَى مَذْهَبِ الْحُكَمَاءِ فَإِنَّ وُجُودَهُ تَعَالَى عِنْدَهُمْ غَيْرُ ذَاتِهِ فَهَذَا الْقَيْدُ السَّلْبِيُّ لَا يَصْلُحُ لِلتَّمْيِيزِ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ اهـ. مِنْ شَرْحِ الْأَصْفَهَانِيِّ عَلَى الطَّوَالِعِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ النِّسَبَ وَالْإِضَافَاتِ هَذَا شُرُوعٌ فِي مَبْحَثِ الْمَقُولَاتِ الْعَشْرِ وَقَدْ أَسْقَطَ مِنْهَا الْجَوْهَرَ وَالْكَمَّ وَالْكَيْفَ وَقَدْ أَفْرَدَهَا الْعُلَمَاءُ بِالتَّأْلِيفِ وَأَشْبَعَ الْقَوْلَ فِيهَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ وَوَضَعْنَا عَلَيْهِ حَاشِيَةً أَشْبَعْنَا فِيهَا الْقَوْلَ جِدًّا وَأَتَيْنَا فِيهَا بِغَرَائِبِ النُّقُولِ وَلَخَصَّ مِنْهَا الشَّيْخُ أَحْمَدُ السِّجَاعِيُّ رِسَالَةً زَادَ فِيهَا بَعْضَ أَشْيَاءَ وَوَضَعْنَا عَلَيْهَا حَاشِيَتَيْنِ فَمَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَ مَبْحَثِهَا فَلْيَرْجِعْ لَهَا ثُمَّ إنَّ عَطْفَ الْإِضَافَاتِ عَلَى النِّسَبِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَإِنَّ النِّسَبَ مَا يَتَوَقَّفُ تَعَقُّلُهَا عَلَى تَعَقُّلِ غَيْرِهَا وَتَخْتَصُّ الْإِضَافَةُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ طَرَفَيْهَا نِسْبَةٌ كَالْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ (قَوْلُهُ: بِالْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ) بَلْ بِالْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ فَإِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْأُمُورَ الِاعْتِبَارِيَّةَ لَا وُجُودَ لَهَا إلَّا فِي الذِّهْنِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ صَادِقَهَا لَهُ تَحَقُّقٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ كَاذِبِهَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ أَتَمَّ الْبَيَانِ فِي حَاشِيَةِ مَقُولَاتِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ السِّجَاعِيِّ وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute