للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ حُصُولُ الْجِسْمِ فِي الْمَكَانِ وَالْمَتَى وَهُوَ حُصُولُ الْجِسْمِ فِي الزَّمَانِ وَالْوَضْعُ وَهُوَ هَيْئَةٌ تَعْرِضُ لِلْجِسْمِ بِاعْتِبَارِ نِسْبَةِ أَجْزَائِهِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ وَنِسْبَتِهَا إلَى الْأُمُورِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ كَالْقِيَامِ وَالِانْتِكَاسِ وَالْمُلْكِ وَهُوَ هَيْئَةٌ تَعْرِضُ لِلْجِسْمِ بِاعْتِبَارِ مَا يُحِيطُ بِهِ وَتَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ كَالتَّقَمُّصِ وَالتَّعَمُّمِ وَإِنْ يُفْعَلُ وَهُوَ تَأْثِيرُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِهِ مَا دَامَ يُؤَثِّرُ وَإِنْ يَنْفَعِلْ وَهُوَ تَأْثِيرُ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِهِ مَا دَامَ يَتَأَثَّرُ كَحَالِ الْمُسَخَّنِ مَا دَامَ يُسَخَّنُ وَالْمُتَسَخِّنِ مَا دَامَ يَتَسَخَّنُ وَالْإِضَافَةُ وَهِيَ نِسْبَةٌ تَعْرِضُ لِلشَّيْءِ بِالْقِيَاسِ إلَى نِسْبَةٍ أُخْرَى كَالْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْعَرَضَ لَا يَقُومُ بِالْعَرَضِ) وَإِنَّمَا يَقُومُ بِالْجَوْهَرِ الْفَرْدِ أَوْ الْمُرَكَّبِ أَيْ الْجِسْمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَجَوَّزَ الْحُكَمَاءُ قِيَامَ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ إلَّا أَنَّهُ بِالْآخِرَةِ تَنْتَهِي سِلْسَةُ الْأَعْرَاضِ إلَى جَوْهَرٍ أَيْ جَوَّزُوا اخْتِصَاصَ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ اخْتِصَاصَ النَّعْتِ بِالْمَنْعُوتِ كَالسُّرْعَةِ وَالْبُطْءِ لِلْحَرَكَةِ وَعَلَى الْأَمْوَالِ وَهُمَا عَارِضَانِ لِلْجِسْمِ أَيْ إنَّهُ يَعْرِضُ لَهُ لَا تَخَلُّلُ الْحَرَكَةِ فِيهِ بِسَكَنَاتٍ أَوْ تَخَلُّلُهَا بِذَلِكَ

(وَ) الْأَصَحُّ أَنَّ الْعَرَضَ (لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ)

ــ

[حاشية العطار]

اسْتَثْنَى طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْهَا الْأَيْنَ وَقَالُوا بِوُجُودِهِ خَارِجًا وَسَمَّوْهُ الْأَكْوَانَ الْأَرْبَعَةَ وَهِيَ الْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ وَالِاجْتِمَاعُ وَالِافْتِرَاقُ وَقَالَ الْحُكَمَاءُ الْأَعْرَاضُ النَّسَبِيَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ.

وَقَدْ أَبْطَلَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ بِأَنَّهَا لَوْ وُجِدَتْ فِي الْخَارِجِ لَكَانَتْ حَاصِلَةً فِي مُحَالِهَا ضَرُورَةً وَلَوْ كَانَتْ حَاصِلَةً فِي مُحَالِهَا لَوُجِدَ حُصُولُهَا فِي مُحَالِهَا لِكَوْنِ حُصُولِهَا مِنْ الْأُمُورِ النَّسَبِيَّةِ فَيَكُونُ لِحُصُولِهَا فِي مُحَالِهَا مُحَالٌ آخَرُ وَنَنْقُلُ الْكَلَامَ إلَى حُصُولِ ذَلِكَ الْحُصُولِ فِي الْمُحَالِ وَيَتَسَلْسَلُ. فِيهِ نَظَرٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حُصُولُ الْحُصُولِ نَفْسُ الْحُصُولِ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرُوا وَأَيْضًا مَنْقُوضٌ بِالْأَيْنِ اهـ. قَالَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الطَّوَالِعِ

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْعَرَضَ لَا يَقُومُ بِالْعَرَضِ) هَذَا مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُتَكَلِّمِينَ قَالُوا إنَّ مَعْنَى قِيَامِ الْعَرَضِ بِالْمَحَلِّ أَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ فِي التَّحَيُّزِ فِيمَا يَقُومُ بِهِ الْعَرَضُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَحَيِّزًا بِالذَّاتِ لِيَصِحَّ كَوْنُ الشَّيْءِ تَابِعًا لَهُ وَالْمُتَحَيِّزُ بِالذَّاتِ لَيْسَ إلَّا الْجَوْهَرُ وَالْمُجَوِّزُونَ يَمْنَعُونَ تَفْسِيرَ الْقِيَامِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَيُفَسِّرُونَهُ بِاخْتِصَاصِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ بِحَيْثُ يَصِيرُ نَعْتًا لَهُ وَهُوَ مَنْعُوتًا بِهِ كَاخْتِصَاصِ الْبَيَاضِ بِالْجِسْمِ لَا الْجِسْمِ بِالْمَكَانِ وَالْقِيَامُ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَصُّ بِالْمُتَحَيِّزِ كَمَا فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهَا قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ مَعَ اسْتِحَالَةِ التَّحَيُّزِ عَلَيْهِ جَلَّ شَأْنُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَقُومُ بِالْجَوْهَرِ الْفَرْدِ) أَيْ بَعْضِ الْأَعْرَاضِ لَا كُلِّهَا فَقَدْ قَالَ السَّعْدُ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ الْأَظْهَرُ أَنَّ مَا عَدَا الْأَكْوَانَ لَا يَعْرِضُ إلَّا لِلْأَجْسَامِ اهـ.

وَهُوَ وَجِيهٌ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْجَوْهَرَ الْفَرْدَ هَلْ يَقْبَلُ الْحَيَاةَ وَالْأَعْرَاضَ الْمَشْرُوطَ بِهَا كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ فَيُجَوِّزُهُ الْأَشْعَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ قُدَمَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَنْكَرَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ وَأَنْكَرَ الْأَشْعَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَكْلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: تَنْتَهِي سِلْسِلَةُ الْأَعْرَاضِ إلَى جَوْهَرٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ قِيَامَ بَعْضِ الْأَعْرَاضِ بِالْبَعْضِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ قِيَامِ الْكُلِّ بِذَلِكَ الْجَوْهَرِ بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْقَائِمَ بِنَفْسِهِ أَحَقُّ بِأَنْ يَكُونَ مَحَلًّا مُقَوِّمًا لِلْحَالِّ وَلِأَنَّ الْكُلَّ فِي حَيِّزِ ذَلِكَ الْجَوْهَرِ تَبَعًا وَهُوَ مَعْنَى الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: لَا تَخَلُّلُ إلَخْ) فَاعِلُ يَعْرِضُ أَيْ عَدَمُ تَخَلُّلِ الْحَرَكَةِ، وَخَفَاءُ عِبَارَتِهِ غَيْرُ خَفِيٍّ وَأَوْضَحُ مِنْهُ قَوْلُ السَّعْدِ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ إنَّ السُّرْعَةَ أَوْ الْبُطْءَ لَيْسَ عَرَضًا قَائِمًا بِالْحَرَكَةِ زَائِدًا عَلَيْهَا بَلْ الْحَرَكَةُ أَمْرٌ مُمْتَدٌّ يَتَخَلَّلُهُ سَكَنَاتٌ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ بِاعْتِبَارِهَا تُسَمَّى سَرِيعَةً أَوْ بَطِيئَةً وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْبُطْءَ لَيْسَ لِتَخَلُّلِ السَّكَنَاتِ فَالْحَرَكَةُ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ وَالسُّرْعَةُ وَالْبُطْءُ عَائِدَانِ إلَى الذَّاتِيَّاتِ دُونَ الْعَرَضِيَّاتِ أَوْ هُمَا مِنْ الِاعْتِبَارَاتِ اللَّاحِقَةِ لِلْحَرَكَةِ بِحَسَبِ الْإِضَافَةِ إلَى حَرَكَةٍ أُخْرَى تَقْطَعُ الْمَسَافَةَ الْمُعَيَّنَةَ فِي زَمَانٍ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلِهَذَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْإِضَافَةِ فَتَكُونُ السُّرْعَةُ بُطْئًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِسْرَاعِ انْتَهَى وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِكَلَامِ شَارِحِنَا؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَرَكَاتِ السَّرِيعَةَ لَا سَكَنَاتِ فِيهَا وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْعَرَضَ لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ إلَخْ) فِي كَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَصَحِّ نَظَرٌ فَإِنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ الشَّيْخِ الْأَشْعَرِيِّ وَبَعْضٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ تَبِعُوهُ فِيهَا وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>