للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَحَقُّقِهِ بِانْتِفَاءِ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ لِلْوُجُودِ الْمُفْتَقِرِ فِي تَحَقُّقِهِ إلَى تَحَقُّقِ جَمِيعِهَا وَقِيلَ: الْوُجُودُ أَوْلَى بِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْعِلَّةِ وَانْتِفَاءِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَتْ الْعِلَّةُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هُوَ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ) الْمُمْكِنَ (الْبَاقِيَ مُحْتَاجٌ) فِي بَقَائِهِ (إلَى السَّبَبِ) أَيْ الْمُؤَثِّرِ وَقِيلَ: لَا (وَيَنْبَنِي) هَذَا الْخِلَافُ (عَلَى أَنَّ عِلَّةَ احْتِيَاجِ الْأَثَرِ) أَيْ الْمُمْكِنِ فِي وُجُودِهِ (إلَى الْمُؤَثِّرِ) أَيْ الْعِلَّةِ الَّتِي يُلَاحِظُهَا الْعَقْلُ فِي ذَلِكَ (الْإِمْكَانُ) أَيْ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ بِالنَّظَرِ إلَى الذَّاتِ (أَوْ الْحُدُوثُ) أَيْ الْخُرُوجُ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ (أَوْ هُمَا) عَلَى أَنَّهُمَا (جُزْءَا عِلَّةٍ أَوْ الْإِمْكَانُ بِشَرْطِ الْحُدُوثِ

ــ

[حاشية العطار]

يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعَدَمِ أَعَمَّ مِنْ مَعْنَاهُ الْمُتَبَادَرِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَحَقُّقِهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْأَوَّلِيَّةَ هُنَا لِسَبَبٍ خَارِجٍ وَالْكَلَامُ فِي النَّظَرِ إلَيْهِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ وُجُودِ الْعِلَّةِ) مِنْ نَاحِيَةِ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَانْتِفَاءِ الشَّرْطِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّرْطَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْعِلَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ التَّجْرِيدِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَدَمُ مُؤَثِّرًا فِي الْوُجُودِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَيْهِ التَّأْثِيرُ فِيهِ كَمَا يَجُوزُ تَوَقُّفُهُ عَلَى أَمْرٍ وُجُودِيٍّ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَدْخَلِيَّةُ الشَّيْءِ فِي وُجُودٍ آخَرَ مِنْ حَيْثُ وُجُودُهُ فَقَطْ كَالْفَاعِلِ وَالشَّرْطِ وَالْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ إلَخْ فَقَدْ أَدْخَلَ الشَّرْطَ فِي أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ تِلْكَ الْحَاشِيَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عَدَمِ الْأَجْزَاءِ يَعْنِي فِي الْعِلَّةِ الْمُرَكَّبَةِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ لِعَدَمِ الْمُرَكَّبِ بِشَرْطِ تَقَدُّمِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَعْدَامِ الْأُخَرِ فَإِذَا عُدِمَ جُزْءٌ مِنْ الْمُرَكَّبِ فِي زَمَانٍ وَلَمْ يُعْدَمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَلَا قَبْلَهُ جُزْءٌ آخَرُ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ الْعَدَمُ مَعَ ذَلِكَ الشَّرْطِ عِلَّةً تَامَّةً لِعَدَمِ الْمُرَكَّبِ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ إنَّ كَلَامَ السَّيِّدِ فِي الْعِلَّةِ التَّامَّةِ وَكَلَامَ الشَّارِحِ مَفْرُوضٌ فِي الْعِلَّةِ النَّاقِصَةِ وَقَدْ يُمْنَعُ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إذْ الْعِلَّةُ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا التَّامَّةُ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: هَذَا الْخِلَافُ جَعَلَ ضَمِيرَ يَنْبَنِي رَاجِعًا إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَاقْتَضَى بِنَاءَ الْأَصَحِّ عَلَى أَوَّلِ الْأَقْوَالِ الْآتِيَةِ فَقَطْ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى رُجُوعُهُ إلَى الْأَصَحِّ لِيَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى كُلٍّ مِنْهَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ دَفْعُ الْمُخَالَفَةِ الْآتِي اهـ. شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: الْإِمْكَانُ) أَيْ وَهُوَ حَالَ الْبَقَاءِ حَاصِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِمْكَانَ لِلْمُمْكِنِ ضَرُورِيٌّ وَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ مُتَحَقِّقَةً كَانَ الْمَعْلُومُ مُتَحَقِّقًا فَيَكُونُ حَالَ الْبَقَاءِ مُفْتَقِرًا إلَى الْمُؤَثِّرِ لِوُجُودِ عِلَّةِ الِافْتِقَارِ وَهُوَ الْإِمْكَانُ وَهَاهُنَا شُبْهَةٌ هِيَ أَنَّهُ لَوْ افْتَقَرَ الْبَاقِي فِي حَالِ بَقَائِهِ إلَى الْمُؤَثِّرِ فَالْمُؤَثِّرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ تَأْثِيرٌ أَوْ لَا وَكِلَاهُمَا مُحَالٌ:

أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ التَّأْثِيرَ يَسْتَدْعِي حُصُولَ الْأَثَرِ الْحَاصِلِ مِنْهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْوُجُودُ الَّذِي كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا جَدِيدًا وَالْأَوَّلُ مُحَالٌ لِامْتِنَاعِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ.

وَالثَّانِي أَيْضًا مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ تَأْثِيرَ الْمُؤَثِّرِ فِي أَمْرٍ جَدِيدٍ لَا فِي الْبَاقِي وَقَدْ فَرَضْنَا أَنَّهُ أَثَّرَ فِي الْبَاقِي هَذَا خُلْفٌ وَالثَّانِي وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ فِيهِ تَأْثِيرٌ بَاطِلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ هُنَاكَ أَثَرٌ لِامْتِنَاعِ تَحْصِيلِ حُصُولِ الْأَثَرِ بِدُونِ التَّأْثِيرِ وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ فِيهِ أَثَرٌ كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ الْمُؤَثِّرِ وَقَدْ فَرَضْنَا افْتِقَارَهُ إلَيْهِ هَذَا خُلْفٌ.

وَأَجَابَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ التَّجْرِيدِ بِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ حَالَ الْبَقَاءِ يُفِيدُ أَثَرًا لَيْسَ هُوَ الْوُجُودُ الَّذِي كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ ذَلِكَ بَلْ أَمْرًا جَدِيدًا هُوَ بَقَاءُ الْوُجُودِ الَّذِي كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ ذَلِكَ وَبِهِ صَارَ بَاقِيًا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ تَأْثِيرُهُ فِي الْبَاقِي حَتَّى يَلْزَمَ خِلَافُ الْمَفْرُوضِ فَإِنَّ الْبَاقِيَ هُوَ الْوُجُودُ الْأَوَّلُ الْمُتَّصِفُ بِصِفَةِ الْبَقَاءِ أَيْ الِاسْتِمْرَارِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَأْثِيرِهِ فِي أَمْرٍ جَدِيدٍ غَيْرِ الْوُجُودِ الْأَوَّلِ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِي الْوُجُودِ الْأَوَّلِ الْمُتَّصِفِ بِصِفَةِ الْبَقَاءِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَأْثِيرِهِ فِي الْمُطْلَقِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ تَأْثِيرِهِ فِي الْمُقَيَّدِ انْتَهَى قَالَ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ فِي حَوَاشِيهِ عَلَيْهِ الْمُطْلَقُ هُوَ الْوُجُودُ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ صِفَةِ الْبَقَاءِ مَعَهُ وَالْمُقَيَّدُ هُوَ الْوُجُودُ الْأَوَّلُ مَأْخُوذًا مَعَ صِفَةِ الْبَقَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّا إذَا نَظَرْنَا إلَى اتِّصَافِهِ بِالْوُجُودِ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ لَمْ يُتَصَوَّرْ تَأْثِيرُهُ فِيهِ فِي الزَّمَانِ الثَّانِي وَإِذَا نَظَرْنَا إلَى دَوَامِ اتِّصَافِهِ بِهِ فِي الزَّمَانِ الثَّانِي وَهُوَ بَقَاؤُهُ فِيهِ وَاسْتِمْرَارُهُ فِيهِ كَانَ هُنَاكَ تَأْثِيرٌ بِأَنْ يَجْعَلَهُ بَاقِيًا مُسْتَمِرًّا إلَّا بِأَنْ يُوجَدَ بَقَاؤُهُ وَاسْتِمْرَارُهُ لِمَا مَرَّ فَالتَّأْثِيرُ فِي الْمُتَّصِفِ بِصِفَةِ الْبَقَاءِ بِاعْتِبَارِ جَعْلِهِ مُتَّصِفًا لَا بِإِيجَادِ صِفَتِهِ وَإِنَّمَا أَطْنَبْنَا فِي تَوْضِيحِ هَذَا الْمَقْصِدِ لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِيهِ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَشْتَبِهُ الْحَالُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>