للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ أَوْ بِنَقِيضِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى امْتِثَالِ ذَلِكَ

ــ

[حاشية العطار]

مَمْنُوعَةٌ فَقَدْ حَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ تَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ بِتَرْكِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ كَالتَّكْلِيفِ بِتَرْكِ قَتْلِ الْمُكَافِئِ عُدْوَانًا.

وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّ قَوْلَهُ وَلَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ مَعَهُ بِنَقِيضِهِ وَقَوْلَهُ فِي الْمَكْرُوهِ عَلَى الْقَتْلِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَكْلِيفُهُ حَالَةَ الْقَتْلِ الصَّادِرِ لِلْإِكْرَاهِ بِتَرْكِهِ يَقْتَضِي كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ مَوْضِعَ النِّزَاعِ تَعَلُّقُ التَّكْلِيفِ بِفِعْلِ الْمُكْرَهِ وَحَالَ الْمُبَاشَرَةِ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ مَعَ الْمُعْتَزِلَةِ وَهُمْ قَائِلُونَ بِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ فِعْلِ الْمُكْرَهِ وَغَيْرِهِ فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ فِعْلِ الْمُكْرَهِ وَقَدْ وَافَقَهُمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَلَى انْقِطَاعِ التَّكَلُّفِ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ مَعَ أَنَّهُ قَائِلٌ بِتَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ مَوْضِعَ النِّزَاعِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ وَهُوَ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ قَبْلَ صُدُورِهِ لِدَاعِي الْإِكْرَاهِ هَلْ يَجُوزُ عَقْلًا تَعَلُّقُ التَّكْلِيفِ بِهِ وَعِنْدَ هَذَا يَظْهَرُ ثُبُوتُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَإِنَّ التَّحْقِيقَ مَعَ الثَّانِي لَا مَعَ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي الْأَمْرَيْنِ اهـ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ قَالَ أَوْ بِنَقِيضِهِ عَلَى الصَّحِيحِ لَا يُعَارِضُهُ حِكَايَةُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ بِنَقِيضِ الْفِعْلِ فِي صُورَتِهِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّكْلِيفِ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْإِيثَارُ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِكْرَاهُ وَهُوَ بِمَعْنَى مَا أَجَابَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِثْمُ الْقَاتِلِ لِإِيثَارِهِ نَفْسَهُ وَمَعْنَى التَّكْلِيفِ بِهِ مِنْ حَيْثُ النَّهْيُ عَنْهُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي أَنَّ تَخْصِيصَ الْمُكْرَهِ بِالذِّكْرِ لِوُضُوحِ الْخِلَافِ بِالْفِعْلِ مَعَهُمْ فِيهِ لَا لِاخْتِصَاصِ فِعْلِ الْمُكْرَهِ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ بِهَذَا الْخِلَافِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُمْ يَفْرِضُونَ النِّزَاعَ فِي بَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ لِإِيضَاحِ التَّصْوِيرِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عَامًّا عَلَى أَنَّهُ يُبْطِلُ الِاعْتِرَاضَ الثَّانِيَ مِنْ أَصْلِهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ لِبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِ بِأَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ حَالُ الْقُدْرَةِ وَأَنَّهُ مَفْقُودٌ فِي الْمُكْرَهِ حَتَّى فِي تِلْكَ الْحَالِ فَالتَّخْصِيصُ بِالْمُكْرَهِ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>