فَإِنَّ الْفِعْلَ لِلْإِكْرَاهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الِامْتِثَالُ وَلَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ مَعَهُ بِنَقِيضِهِ (وَلَوْ) كَانَ مُكْرَهًا (عَلَى الْقَتْلِ) لِمُكَافِئِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ تَكْلِيفُهُ حَالَةَ الْقَتْلِ لِلْإِكْرَاهِ بِتَرْكِهِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ (وَإِثْمُ الْقَاتِلِ) الَّذِي هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العطار]
امْتِثَالِ ذَلِكَ) أَيْ تَكْلِيفُهُ بِالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ أَوْ بِنَقِيضِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْفِعْلَ) لِلْإِكْرَاهِ قَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْقُدْرَةِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْصِدَ بِالْفِعْلِ دَاعِيَ الشَّرْعِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُقَابِلِ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَبْنَى هَذَا الْقَوْلِ عَلَى أَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ فَلَا يَتَأَتَّى مَا ذَكَرَهُ.
(قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ الِامْتِثَالُ بِهِ) الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِيَحْصُلُ وَمَجْرُورُهَا عَائِدٌ إلَى الْفِعْلِ فَالْمَعْجُوزُ عَنْهُ هُوَ الِامْتِثَالُ وَإِنْ وُجِدَ الْفِعْلُ بِدُونِهِ وَأَمَّا النَّقِيضُ فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ نَفْسُهُ لِوُجُودِ الْفِعْلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ مَعَهُ بِالنَّقِيضِ وَإِلَّا لَزِمَ الْجَمْعُ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ مَعَهُ بِنَقِيضِهِ) الضَّمِيرَانِ لِلْفِعْلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مَعَهُ إلَى أَنَّ امْتِنَاعَ التَّكْلِيفِ إنَّمَا هُوَ حَالَةَ الْفِعْلِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ تَكْلِيفُهُ حَالَةَ الْفِعْلِ قَالَهُ عَمِيرَةُ وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّكْلِيفَ عِنْدَ أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ وَهُمْ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ مُنْتَفٍ قَبْلَ الْمُبَاشَرَةِ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ وَغَيْرِهِ وَالِانْتِفَاءُ الَّذِي يَخُصُّ الْمُكْرَهَ الِانْتِفَاءُ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: لِمُكَافِئِهِ) أَوْ لِغَيْرِهِ الْمُحْتَرَمِ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ التَّكْلِيفُ فِي الْمُكَافِئِ الَّذِي يَجِبُ بِقَتْلِهِ الْقَوَدُ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَقَالَ النَّاصِرُ قَوْلُهُ لِمُكَافِئِهِ بَيَانٌ لِمُتَعَلِّقِ الْقَتْلِ وَإِنَّمَا قَدَرَهُ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنْ لَوْ أَظْهَرُ فِيهِ إذْ رُبَّمَا يُقَالُ فِي غَيْرِ الْمُكَافِئِ يُكَلَّفُ بِالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لِلْإِكْرَاهِ) صِلَةُ الْقَتْلِ وَاللَّامُ تَعْلِيلِيَّةٌ وَقَوْلُهُ بِتَرْكِهِ صِلَةُ تَكْلِيفِهِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى تَرْكِهِ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَقَالَ النَّاصِرُ وَلَمْ يَقُلْ بِالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ وَتَرَكَهُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّرْكِ لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ إنَّمَا تَظْهَرُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِثْمُ الْقَاتِلِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَى قَتْلِ الْمُكَافِئِ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِالْفِعْلِ وَلَا بِنَقِيضِهِ كَمَا قُلْتُمْ فَلِأَيِّ شَيْءٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْإِثْمُ فَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِثْمَ تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْإِيثَارُ أَيْ تَقْدِيمُهُ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ عَلَى مُكَافِئِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى تَرْكِهِ بِسَبَبِ أَنَّ الْمُكْرَهَ لَهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ قَتْلِهِ لِمُكَافِئِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُ الْمُكْرَهُ لَهُ إنْ لَمْ يَقْتُلْ ذَلِكَ الْمُكَافِئَ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ) ذَكَرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْسُنُ الْإِيرَادُ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute