للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية العطار]

أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قِيَاسٌ مِنْ الشَّكْلِ الثَّانِي مُرَكَّبٌ مِنْ مُوجَبَتَيْنِ وَهُوَ عَقِيمٌ اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّوَائِرَ الْعِظَامَ الْمَشْهُورَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْهَيْئَةِ الْمَبْحُوثَ عَنْ أَحْوَالِهَا فِي كُتُبِهِمْ عَشْرَةٌ أَعْظَمُهَا دَائِرَةُ مَعْدِلِ النَّهَارِ وَتُسَمَّى فَلَكَ مَعْدِلِ النَّهَارِ تَجَوُّزًا بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ فَإِنَّهُمْ يُطْلِقُونَ اسْمَ الْفَلَكِ عَلَى مِنْطَقَتِهِ الَّتِي وُجِدَتْ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْحَرَكَةِ لَا عَلَى كُلِّ دَائِرَةٍ حَالَّةٍ فِيهِ إذْ لَا يُقَالُ فَلَكُ الْأُفُقِ أَوْ الِارْتِفَاعِ؛ لِأَنَّ الْحَرَكَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي مَفْهُومِ الْفَلَكِ كَذَا حَقَّقَ شَارِحُ الْفَتْحِيَّةِ سُمِّيَتْ بِدَائِرَةِ مَعْدِلِ النَّهَارِ لِتَعَادُلِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَبَدًا عِنْدَ مَنْ يَسْكُنُ تَحْتَهَا وَهُمْ سُكَّانُ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ وَأَيْضًا قَدْ يَتَسَاوَى اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فِي جَمِيعِ الْبِقَاعِ سِوَى عَرْضِ تِسْعِينَ إذَا وَصَلَتْ الشَّمْسُ إلَيْهَا وَيُسَمَّى قُطْبَاهَا قُطْبَيْ الْعَالَمِ أَحَدُهُمَا شَمَالِيٌّ وَالْآخَرُ جَنُوبِيٌّ.

وَمِنْ تِلْكَ الدَّوَائِرِ الْعِظَامِ مِنْطَقَةُ الْبُرُوجِ وَتُسَمَّى فَلَكَ الْبُرُوجِ أَيْضًا مَجَازًا عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ وَيُسَمَّى قُطْبَاهَا قُطْبَيْ الْبُرُوجِ أَحَدُهُمَا شَمَالِيٌّ وَالْآخَرُ جَنُوبِيٌّ وَتَقَاطُعُ دَائِرَةِ مَعْدِلِ النَّهَارِ عَلَى نُقْطَتَيْنِ مُتَقَابِلَتَيْنِ يُسَمَّيَانِ نُقْطَتَيْ الِاعْتِدَالَيْنِ؛ لِأَنَّ الشَّمْسَ إذَا وَصَلَتْ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا اعْتَدَلَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فِي مُعْظَمِ الْمَعْمُورِ ثُمَّ الْمُقَرَّرُ فِي عِلْمِ الْهَنْدَسَةِ أَنَّ الدَّائِرَةَ الْعَظِيمَةَ هِيَ الَّتِي تُنَصِّفُ الْكُرَةَ فَهَاتَانِ الدَّائِرَتَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنَصِّفٌ لِلْفَلَكِ فَالْأُولَى لِلْفَلَكِ التَّاسِعِ الْمُسَمَّى بِالْأَطْلَسِ وَبِالْمُحَدَّدِ أَيْضًا وَالثَّانِيَةُ لِلْفَلَكِ الثَّامِنِ الْمُسَمَّى بِفَلَكِ الثَّوَابِتِ وَلِذَلِكَ تُسَمَّى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْطَقَةً لِوُقُوعِهَا فِي وَسَطِ الْفَلَكِ وَهَذِهِ الدَّوَائِرُ أُمُورٌ وَهْمِيَّةٌ تُتَخَيَّلُ مِنْ دَوَرَانِ الْفَلَكِ وَلَا وُجُودَ لَهَا خَارِجًا وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ دَائِرَةِ مَعْدِلِ النَّهَارِ أَعْظَمَ لِكَوْنِ فَلَكِهَا أَعْظَمَ الْأَفْلَاكِ وَإِلَّا فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنَصِّفَةٌ لِفَلَكِهَا إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلَكُ مَعْدِلِ النَّهَارِ مُرَادُهُ بِهِ الْفَلَكُ التَّاسِعُ وَأَضَافَهُ لِمَعْدِلِ النَّهَارِ الَّذِي هُوَ مِنْطَقَتُهُ لِلتَّعْيِينِ إذْ لَفْظُ الْفَلَكِ شَامِلٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَلَوْ عَبَّرَ كَمَا عَبَّرَ غَيْرُهُ بِالْفَلَكِ التَّاسِعِ لَكَانَ أَظْهَرَ.

وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ جِسْمٌ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هُوَ جِسْمٌ كُرِّيٌّ يُحِيطُ بِهِ سَطْحٌ وَاحِدٌ مُسْتَدِيرٌ فِي دَاخِلِهِ نُقْطَةٌ تَكُونُ الْخُطُوطُ الْخَارِجَةُ مِنْهَا إلَيْهِ مُتَسَاوِيَةً وَتِلْكَ النُّقْطَةُ تُسَمَّى مَرْكَزًا لَهُ وَإِلَّا فَالِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ الْجِسْمِ لَا يُفِيدُ إذْ مَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَّ الْفَلَكَ جِسْمٌ وَقَوْلُهُ سُمِّيَتْ دَائِرَتُهُ أَيْ مِنْطَقَةُ الْبُرُوجِ مِنْهُ لَا يَصِحُّ فَإِنَّ مِنْطَقَةً هِيَ دَائِرَةُ مَعْدِلِ النَّهَارِ وَمِنْطَقَةُ الْبُرُوجِ هِيَ الدَّائِرَةُ الْمَفْرُوضَةُ فِي مُنْتَصَفِ الْفَلَكِ الثَّامِنِ فَقَدْ فَسَّرَ الشَّيْءَ بِمُبَايِنِهِ وَقَوْلُهُ لِتَعَادُلِ إلَخْ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ التَّفْصِيلِ هَذَا مَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَاَلَّذِي وَقَعَ لِلشَّيْخِ النَّجَّارِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ هُنَا مِمَّا يَقْضِي مِنْهُ عَجَبًا مَنْ وُفِّقَ لِلنَّظَرِ فِي عِلْمِ الْهَيْئَةِ وَالْحِكْمَةِ.

وَأَعْرَضْت عَنْ بَيَانِ خَلَلِ كَلَامِهِ كَمَا أَنِّي أَعْرَضْت عَنْ إيفَاءِ الْمَقَامِ حَقَّهُ مِنْ الْبَسْطِ وَالْإِيضَاحِ لِمَا أَنَّ مَبْحَثَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ذُكِرَا هُنَا اسْتِطْرَادًا وَهُمَا فِي الْمَوَاضِعِ الْمَبْحُوثِ عَنْهُمَا فِيهِ مُبَيَّنَانِ أَتَمَّ الْبَيَانِ فَلْيُرَاجَعَا ثَمَّةَ وَأَيْضًا الْوَاقِفُ عَلَى هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ أَحَدُ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ عَارِفٌ بِفَنَّيْ الْهَيْئَةِ وَالْحِكْمَةِ فَهَذَا غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ لِانْكِشَافِ الْحَالِ لَهُ انْكِشَافًا يَكَادُ يُفْضِي إلَى الْعِيَانِ وَرَجُلٌ لَا مَسِيسَ لَهُ بِهِمَا فَإِيصَالُ الْمَعْنَى إلَى ذِهْنِهِ يُفْضِي لِذِكْرِ مُقَدِّمَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ الْفَنَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَلْ إلَى مُقَدِّمَاتٍ هَنْدَسِيَّةٍ لِابْتِنَاءِ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ عَلَيْهَا وَالْوَقْتُ لَا يَسَعُ ذَلِكَ مَعَ فُتُورِ هِمَّةِ الطَّالِبِينَ وَقِلَّةِ الرَّاغِبِينَ وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ:

لَنَقْلُ حِجَارَةٍ فِي يَوْمِ حَرٍّ ... وَنَقْشٌ بِالْأَظَافِرِ فِي الْحَدِيدِ

أَخَفُّ عَلَيَّ مِنْ إيصَالِ مَعْنًى ... دَقِيقٍ عِنْدَ ذِي ذِهْنٍ بَلِيدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>