للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْأَبْعَادُ) لِلْجَوْهَرِ مِنْ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْعُمْقِ (مُتَنَاهِيَةٌ) أَيْ لَهَا حُدُودٌ تَنْتَهِي إلَيْهَا

(وَالْمَعْلُولُ قَالَ الْأَكْثَرُ يُقَارِنُ عِلَّتَهُ زَمَانًا) عَقْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ وَضْعِيَّةً (وَالْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ) وَالِدِ الْمُصَنِّفِ (يَعْقُبُهَا مُطْلَقًا وَثَالِثُهَا) يَعْقُبُهَا (إنْ كَانَتْ وَضْعِيَّةً لَا عَقْلِيَّةً) فَيُقَارِنُهَا (أَمَّا التَّرْتِيبُ) أَيْ تَرْتِيبُ الْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ (رُتْبَةً فَوِفَاقٌ وَاللَّذَّةُ) الدُّنْيَوِيَّةُ وَهِيَ بَدِيهِيَّةٌ (حَصَرَهَا الْإِمَامُ) الرَّازِيّ (وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ (فِي الْمَعَارِفِ) أَيْ مَا يُعْرَفُ أَيْ يُدْرَكُ، قَالَا: وَمَا يُتَوَهَّمُ

ــ

[حاشية العطار]

وَلِلْجَاحِظِ تَأْلِيفَاتٌ أَوْدَعَ فِيهَا مِنْ حُسْنِ الْبَيَانِ وَالْفُنُونِ الْمُتَنَوِّعَةِ مَا انْفَرَدَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَمَنْ نَظَرَ فِي تَصَانِيفِهِ عَلِمَ صِدْقَ هَذَا الْمُدَّعَى لَا سِيَّمَا كِتَابَ الْحَيَوَانِ وَكِتَابَ الْبَيَانِ وَالتَّبْيِينِ وَقَدْ رَأَيْتهمَا وَلَا يَكَادَانِ يُوجَدَانِ بِدِيَارِنَا وَإِنَّمَا رَأَيْتهمَا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَلَهُ تَآلِيفُ أُخَرُ لَيْسَتْ عَلَى أُسْلُوبِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمُؤَلَّفَاتِ وَأَمَّا النَّظَّامُ فَلَمْ نَرَ لَهُ تَأْلِيفًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ مَذْهَبٌ اعْتِزَالِيٌّ وَطَائِفَةٌ تَتْبَعُهُ وَقَدْ نَقَلَ الْمُتَكَلِّمُونَ عَنْهُمَا فِي تَآلِيفِهِمْ بَعْضَ مَقَالَاتِهِمْ وَهَذَا النَّظَّامُ مَعَ شِدَّةِ ذَكَائِهِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى كُتُبٍ كَثِيرَةٍ مِنْ الْعُلُومِ الْحُكْمِيَّةِ صَدَرَتْ عَنْهُ تِلْكَ الْمَقَالَاتُ الَّتِي لَا تَكَادُ تَصْدُرُ عَنْ عَاقِلٍ مِنْهَا مَا نَقَلْنَاهُ هُنَا وَمِنْهَا الطَّفْرَةُ الَّتِي اُشْتُهِرَتْ إضَافَتُهَا إلَيْهِ فَقِيلَ طَفْرَةُ النَّظَّامِ وَمِنْهَا قَوْلُهُ بِعَدَمِ بَقَاءِ الْأَجْسَامِ وَأَنَّهَا مُتَجَدِّدَةٌ آنًا فَآنًا كَالْأَعْرَاضِ وَكَمْ لِلْمُعْتَزِلَةِ مِنْ أَقَاوِيلَ كُلِّهَا هَذَيَانٌ وَتَضْلِيلٌ فَسُبْحَانَ مَنْ تَنَزَّهَ عَنْ شَوَائِبِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: وَالْأَبْعَادُ لِلْجَوْهَرِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِلْجِسْمِ؛ لِأَنَّ الْجَوَاهِرَ شَامِلَةٌ لِلْجَوْهَرِ الْفَرْدِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ وَإِلَّا انْقَسَمَ وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْرُوضِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْحُكْمَ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُقَلَاءُ إلَّا الْهُنُودَ فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهَا غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ وَقَدْ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ بَرَاهِينُ أَلْطَفُهَا الْبُرْهَانُ السُّلَّمِيُّ وَهُوَ أَنْ نَفْرِضَ مِنْ نُقْطَةٍ مَا خَطَّيْنِ يَنْفَرِجَانِ كَسَاقَيْ مُثَلَّثٍ بِحَيْثُ يَكُونُ الْبُعْدُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ ذَهَابِهِمَا ذِرَاعًا ذِرَاعًا وَبَعْدَ ذَهَابِهِمَا ذِرَاعَيْنِ ذِرَاعَيْنِ وَعَلَى هَذَا يَتَزَايَدُ الْبُعْدُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ ازْدِيَادِهِمَا يَكُونُ الِانْفِرَاجُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ امْتِدَادِهِمَا فَإِذَا ذَهَبَا إلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ كَانَ الْبُعْدُ بَيْنَهُمَا غَيْرَ مُتَنَاهٍ أَيْضًا بِالضَّرُورَةِ وَإِلَّا لَزِمَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بَيْنَ حَاصِرَيْنِ وَالْمَحْصُورُ بَيْنَ حَاصِرَيْنِ يَمْتَنِعُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ نِهَايَةٌ ضَرُورَةً وَفِي الْبُرْهَانِ التُّرْسِيِّ تَطْوِيلٌ وَابْتِنَاءٌ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ هَنْدَسِيَّةٍ تَرَكْنَاهُ لِذَلِكَ وَلَهُمْ بَرَاهِينُ أُخَرُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَعْلُولُ إلَخْ) الْعِلَّةُ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ أَمْرٌ مَا بِالِاسْتِقْلَالِ إنْ كَانَتْ تَامَّةً أَوْ بِانْضِمَامِ غَيْرِهِ إلَيْهِ إنْ كَانَتْ نَاقِصَةً وَالْمَعْلُولُ الْأَمْرُ الَّذِي صَدَرَ فَالْعِلَّةُ التَّامَّةُ جَمِيعُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ وَالْعِلَّةُ النَّاقِصَةُ بَعْضُهُ فَيَدْخُلُ فِي الْعِلَّةِ التَّامَّةِ الشَّرَائِطُ وَزَوَالُ الْمَانِعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ دُخُولِ عَدَمِ الْمَانِعِ فِي الْعِلَّةِ التَّامَّةِ أَنَّ الْعَدَمَ يَفْعَلُ شَيْئًا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْعَقْلَ إذَا لَاحَظَ وُجُوبَ الْمَعْلُولِ لَمْ يَجِدْهُ حَاصِلًا دُونَ عَدَمِ الْمَانِعِ قَالَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ التَّجْرِيدِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِلَلِ التَّامَّةِ إذْ لَا خَفَاءَ فِي تَأَخُّرِ الْمَعْلُولِ عَنْ عِلَّتِهِ النَّاقِصَةِ لِفُقْدَانِ شَرْطِهِ مَثَلًا أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ (قَوْلُهُ: عَقْلِيَّةً) كَانَتْ كَحَرَكَةِ الْأُصْبُعِ لِحَرَكَةِ الْخَاتَمِ أَوْ وَضْعِيَّةً كَالْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي بَابِ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: الدُّنْيَوِيَّةُ) احْتِرَازٌ عَنْ الْأُخْرَوِيَّةِ فَإِنَّهَا لَذَّاتٌ حَقِيقِيَّةٌ لَا تَفْتَقِرُ إلَى أَلَمٍ يَتَقَدَّمُهَا أَوْ يُقَارِنُهَا فَيَجِدُ أَهْلُهَا لَذَّةَ الشُّرْبِ مِنْ غَيْرِ عَطَشٍ وَلَذَّةَ الطَّعَامِ مِنْ غَيْرِ جُوعٍ.

(قَوْلُهُ: حَصَرَهَا الْإِمَامُ إلَخْ) قَالَ الْحَكِيمُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَرْخَانَ بْنِ أُوزَلْغَ التُّرْكِيُّ الْفَارَابِيُّ نِسْبَةً إلَى فَارَابَ مَدِينَةٌ فَوْقَ الشَّاسِ قَرِيبَةٌ مِنْ مَدِينَةِ بَلَاسَاغُونَ جَمِيعُ أَهْلِهَا شَافِعِيَّةٌ وَهِيَ قَاعِدَةُ بِلَاد التُّرْكِ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ بِدِمَشْقِ الشَّامِ وَقَدْ نَاهَزَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَمِنْ مَدِينَةِ فَارَابَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ الْعَلَّامَةُ الْجَوْهَرِيُّ - فِي كِتَابِ الْفُصُوصِ أَنَّ النَّفْسَ اللَّوَّامَةَ الْمُطَمْئِنَةَ كَمَا لَهَا عِرْفَانُ الْحَقِّ الْأَوَّلِ بِإِدْرَاكِهَا فَعِرْفَانُهَا الْحَقَّ الْأَوَّلَ عَلَى مَا يَتَجَلَّى لَهَا هُوَ اللَّذَّةُ الْقُصْوَى وَبَيَّنَهُ شَارِحُ الْفُصُوصِ بِأَنَّ اللَّذَّةَ إدْرَاكُ مَا هُوَ كَمَالٌ وَخَيْرٌ عِنْدَ الْمُدْرِكِ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ وَلَا شَكَّ فِي تَفَاوُتِ الْإِدْرَاكِ فِي حَدِّ نَفْسِهِ بِالشِّدَّةِ وَالضَّعْفِ وَبِالْقِيَاسِ إلَى مُتَعَلَّقِهِ فَتَتَفَاوَتُ اللَّذَّةُ أَيْضًا وَذَلِكَ إمَّا بِتَفَاوُتِ الْإِدْرَاكِ أَوْ الْمُدْرِكِ أَوْ الْمُدْرَكِ أَمَّا بِتَفَاوُتِ الْإِدْرَاكِ؛ فَلِأَنَّهُ كُلَّمَا كَانَ أَتَمَّ كَانَتْ اللَّذَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>