للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ يُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ تَرْكِهِ (فَخِلَافُ الْأَوْلَى) أَيْ فَالْخِطَابُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْمَخْصُوصِ يُسَمَّى خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا يُسَمَّى مُتَعَلِّقُهُ بِذَلِكَ فِعْلًا كَانَ كَفِطْرِ مُسَافِرٍ لَا يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ تَرْكًا كَتَرْكِ صَلَاةِ الضُّحَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ قِسْمِي الْمَخْصُوصِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الطَّلَبَ

ــ

[حاشية العطار]

مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ الْمُقْتَضِيَةُ لِلتَّوْزِيعِ أَيْ وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ تَرْكِ هَذَا الْمَنْدُوبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَمْرِ بِهِ وَالنَّهْيُ عَنْ تَرْكِ ذَلِكَ الْمَنْدُوبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَمْرِ بِهِ وَكَذَا سَيَأْتِي تَوْجِيهُ تَسْمِيَتِهِ غَيْرَ مَخْصُوصٍ مَعَ كَوْنِ مُتَعَلِّقِهِ خَاصًّا وَهُوَ تَرْكُ الْمَنْدُوبِ مَثَلًا قَالَ النَّاصِرُ السِّرُّ فِي جَمْعِ الْأَوَامِرِ وَإِفْرَادِ النَّهْيِ تَعَدُّدُ مُتَعَلِّقَاتِ الْأَوَامِرِ وَهِيَ الْأَفْعَالُ الْمُتَنَوِّعَةُ يَعْنِي الْمُعَبَّرَ عَنْهَا فِي كَلَامِهِ بِالْمَنْدُوبَاتِ وَاتِّحَادُ مُتَعَلِّقِ النَّهْيِ وَهُوَ الْكَفُّ عَنْ تَرْكِ الْمَنْدُوبَاتِ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ لَفْظُهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ يُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ تَرْكِهِ) وَإِنَّمَا قَالَ هُنَا مُسْتَفَادٌ يُفِيدُ فِي مَبْحَثِ الْأَمْرِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ عَيْنُ النَّهْيِ عَنْ تَرْكِهِ أَوْ يَتَضَمَّنُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ هُنَا اللَّفْظَانِ وَفِيمَا سَيَأْتِي النَّفْسِيَّانِ وَفِي الْأَوَّلَيْنِ تَنْتَفِي الْعَيْنِيَّةُ وَالتَّضْمِينُ وَفِي الْآخَرَيْنِ تَنْتَفِي الْإِفَادَةُ الَّتِي هِيَ الدَّلَالَةُ. اهـ. نَاصِرٌ.

(قَوْلُهُ: الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْمَخْصُوصِ) قَالَ سم قَدْ يُسْتَشْكَلُ ذَلِكَ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ لِغَيْرِ الْمَخْصُوصِ صِيغَةً دَالَّةً عَلَى طَلَبِ التَّرْكِ الْمُسَمَّى بِخِلَافِ الْأَوْلَى مَعَ انْتِفَاءِ الصِّيغَةِ عَنْ هَذَا الْقِسْمِ قَطْعًا.

وَأَقُولُ سَلَّمْنَا هَذَا الِاقْتِضَاءَ لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا الصِّيغَةُ بِالْقُوَّةِ لِأَنَّ وُرُودَ صِيغَةِ الْأَمْرِ بِالْمَنْدُوبِ الْمُفِيدَةِ لِلنَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ فِي قُوَّةِ وُرُودِ صِيغَةِ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ فَلَا إشْكَالَ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يُسَمَّى مُتَعَلِّقُهُ بِذَلِكَ) اعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّ الْخِطَابَ الْمَذْكُورَ مُتَعَلِّقٌ بِتَرْكِ الشَّيْءِ وَالْمُسَمَّى بِخِلَافِ الْأَوْلَى ذَلِكَ الشَّيْءُ لَا تَرْكُهُ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ الْخِطَابِ فَإِنَّ ذَلِكَ التَّرْكَ هُوَ الْأَوْلَى لَا خِلَافُ الْأَوْلَى.

وَأَجَابَ سم فَقَالَ كَمَا أَنَّ التَّرْكَ مُتَعَلَّقُ الْخِطَابِ كَذَلِكَ الشَّيْءُ نَفْسُهُ مُتَعَلَّقُهُ لِأَنَّهُ مُتَعَلَّقُ التَّرْكِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلَّقُهُ وَمُتَعَلَّقُ الْمُتَعَلَّقِ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَاسِطَةِ فَالْمُتَعَلَّقُ صَادِقٌ عَلَى الْمُتَعَلِّقِ بِالْوَاسِطَةِ وَهَذَا أَعْنِي الْمُتَعَلِّقَ بِالْوَاسِطَةِ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا بِقَرِينَةِ تَمْثِيلِهِ لِلْمُتَعَلِّقِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلَّقُ الْمُتَعَلِّقِ فَإِنْ قُلْت قَدْ اُشْتُهِرَ أَنَّ الْمِثَالَ لَا يُخَصَّصُ فَالتَّمْثِيلُ لِمُتَعَلَّقِ الْمُتَعَلِّقِ لَا يَمْنَعُ إرَادَةَ نَفْسِ الْمُتَعَلِّقِ أَيْضًا قُلْت الِاقْتِصَارُ فِي التَّمْثِيلِ عَلَى مُتَعَلَّقِ الْمُتَعَلِّقِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْزِمْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّرْكَ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَرْكًا الْمُمَثَّلَ بِهِ لِلْمُتَعَلِّقِ بِالْوَاسِطَةِ غَيْرُ التَّرْكِ الَّذِي هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِلَا وَاسِطَةٍ فَالْأَمْرُ بِصَلَاةِ الضُّحَى يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ تَرْكِهَا وَالنَّهْيُ مَعْنَاهُ طَلَبُ التَّرْكِ فَحَاصِلُ مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ تَرْكِهَا طَلَبُ تَرْكِ تَرْكِهَا فَالتَّرْكُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِلَا وَاسِطَةٍ.

وَالثَّانِي هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْوَاسِطَةِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِلَا وَاسِطَةٍ لَا يَكُونُ إلَّا تَرْكًا وَأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْوَاسِطَةِ قَدْ يَكُونُ تَرْكًا كَمَا فِي تَرْكِ الضُّحَى وَقَدْ يَكُونُ فِعْلًا كَمَا فِي فِطْرِ الْمُسَافِرِ الْمَذْكُورِ وَبِمَا مَرَّ يُعْلَمُ انْدِفَاعُ الِاسْتِشْكَالِ بِأَنَّ فِي كَلَامِهِ تَقْسِيمَ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ الْفَارِقُ أَوْ عَلَى ظَاهِرِهِ.

(قَوْلُهُ: بَيْنَ قِسْمَيْ الْمَخْصُوصِ وَغَيْرِهِ) الْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةٌ وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَقُلْ بَيْنَ الْمَخْصُوصِ وَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِأَنَّ الْفَرْقَ لَيْسَ بَيْنَ قِسْمَيْهِمَا وَهُمَا الطَّلَبُ بِالْمَخْصُوصِ وَالطَّلَبُ بِغَيْرِهِ اهـ.

وَقَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ يُرِيدُ بِالْقِسْمَيْنِ الشَّيْئَيْنِ الْمَطْلُوبَيْنِ بِالْمَخْصُوصِ وَبِغَيْرِ الْمَخْصُوصِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ إنَّ الطَّلَبَ فِي الْمَطْلُوبِ بِالْمَخْصُوصِ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَالِاخْتِلَافُ فِي شَيْءٍ أَمَكْرُوه هُوَ إلَخْ وَنَقَلَ سم عَنْ النَّاصِرِ فِي دَرْسِهِ أَنَّ الْقِسْمَيْنِ هُمَا النَّهْيُ الْمَخْصُوصُ وَغَيْرُ الْمَخْصُوصِ الدَّالَيْنِ عَلَى الطَّلَبَيْنِ وَحِينَئِذٍ يُشْكَلُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلَفْظِ قِسْمَيْ إلَّا أَنْ يُقَالَ فَائِدَتُهَا الْإِجْمَالُ ثُمَّ التَّفْصِيلُ وَتُجْعَلُ إضَافَتُهَا مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ اهـ.

وَقَالَ النَّاصِرُ فِي الْحَاشِيَةِ فَرَّقَ بِذَلِكَ بَيْنَ النَّهْيَيْنِ الْمَخْصُوصِ وَغَيْرِهِ لِيُعْلَمَ مِنْهُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>