للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ (عَلَى خِلَافِ هَيْئَتِهِ) فِي الْوَاقِعِ فَالْجَهْلُ الْبَسِيطُ عَلَى الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية العطار]

بِالْمُطَابِقَةِ، وَالْمَوْجُودُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ هَيْئَتِهِ) فِي التَّعْبِيرِ بِهَيْئَتِهِ إشَارَةٌ إلَى مَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَنَّ الْجَهْلَ الْمُرَكَّبَ لَا يَكُونُ فِي التَّصَوُّرَاتِ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي التَّصْدِيقَاتِ؛ لِأَنَّ الْهَيْئَةَ هِيَ الْحَالَةُ الثَّابِتَةُ لِلشَّيْءِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ فَيَخْرُجُ تَصَوُّرُهُ عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ كَتَصَوُّرِ الْإِنْسَانِ بِأَنَّهُ حَيَوَانٌ صَاهِلٌ، فَإِنَّهُ لَا جَهْلَ فِي التَّصَوُّرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَوَّرْ الْإِنْسَانَ وَإِنَّمَا الْجَهْلُ فِي تَصْدِيقٍ ضِمْنِيٍّ وَهُوَ ثُبُوتُ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ لِلْإِنْسَانِ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ: إنَّ تَصَوُّرَ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ فِي الْوَاقِعِ كَإِدْرَاكِ الْإِنْسَانِ بِأَنَّهُ حَيَوَانٌ صَاهِلٌ جَهْلٌ قَطْعًا، فَلَوْ قَالَ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ اهـ. وَلَا حَاجَةَ لِمَا أَطَالَ بِهِ سم فِي دَفْعِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَجَهْلُ الْمُدْرِكِ بِمَا فِي الْوَاقِعِ) أَيْ بِالْهَيْئَةِ الثَّابِتَةِ لِلشَّيْءِ فِي الْوَاقِعِ وَقَوْلُهُ: مَعَ الْجَهْلِ بِأَنَّهُ جَاهِلٌ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُصَاحِبًا وَلَازِمًا لَهُ الْجَهْلُ بِأَنَّهُ جَاهِلٌ لَهُ فَتَسْمِيَتُهُ جَهْلًا مُرَكَّبًا؛ لِأَنَّهُ تَصْحَبُهُ وَيَلْزَمُهُ جَهْلٌ آخَرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مُسَمَّى الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ مَجْمُوعُ هَذَيْنِ الْجَهْلَيْنِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ، فَإِنَّ مُسَمَّاهُ الَّذِي هُوَ الِاعْتِقَادُ بَسِيطٌ، إذْ لَا يُعْقَلُ التَّرْكِيبُ فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ.

وَفِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ سُمِّيَ مُرَكَّبًا؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ الشَّيْءَ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَهَذَا جَهْلٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَعْتَقِدُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَهَذَا جَهْلٌ آخَرُ قَدْ تَرَكَّبَا مَعًا.

(قَوْلُهُ: مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ) أَفَادَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ انْدِفَاعَ إشْكَالِ أَنَّ تَصَوُّرَ الْمَعْلُومِ عُلِمَ بِهِ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى عِلْمُ الْمَعْلُومِ وَالْمَعْلُومُ لَا يُعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ وَشُمُولُ التَّعْرِيفِ لِمَا فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ.

وَقَدْ يُقَالُ: لَا وُرُودَ لِهَذَا الْأَشْكَالِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ مَعْلُومٌ وَالْمَجْهُولَ إنَّمَا هُوَ صِفَتُهُ مَثَلًا إذَا تَصَوَّرَ الْعَالَمَ بِأَنَّهُ قَدِيمٌ فَالْعَالَمُ مَعْلُومٌ وَالْجَهْلُ فِي إثْبَاتِ صِفَةِ الْقِدَمِ لَهُ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْصَدَ لِيُعْلَمَ وَمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ مَرْجِعُهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ.

وَادَّعَى النَّاصِرُ أَنَّ بَيْنهمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا وَجْهِيًّا يَجْتَمِعَانِ فِيمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ وَأَنْ يُقْصَدَ كَالْمَعْلُومَاتِ الشَّرْعِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>