لَيْسَ جَهْلًا عَلَى هَذَا وَالْقَوْلَانِ مَأْخُوذَانِ مِنْ قَصِيدَةِ ابْنِ مَكِّيٍّ فِي الْعَقَائِدِ وَاسْتَغْنَى بِقَوْلِهِ انْتِفَاءُ الْعِلْمِ عَنْ التَّقْيِيدِ فِي قَوْلِهِ غَيْرِهِ عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ
ــ
[حاشية العطار]
مَثَلًا وَيَنْفَرِدُ الْأَزَلُ فِيمَا شَأْنُهُ أَنْ يُقْصَدَ لِيُعْلَمَ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ كَذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ شَأْنَهُ أَنْ يُقْصَدَ لِيُعْلَمَ وَشَأْنُهُ أَنْ لَا يُعْلَمَ لِتَعَذُّرِ أَسْبَابِ عِلْمِهِ تَعَالَى وَيَنْفَرِدُ الثَّانِي فِيمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْصَدَ لِيُعْلَمَ كَأَسْفَلِ الْأَرْضِ وَمَا فِيهِ اهـ.
وَرُدَّ بِأَنْ قَصَدَ عِلْمَ مَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ عَاقِلٍ، وَأَنَّ مَا تَحْتَ الْأَرْضِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْلَمَ فَلَا انْفِرَادَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَادَّةٍ عَنْ الْآخَرِ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ جَهْلًا عَلَى هَذَا) أَيْ بَلْ هُوَ وَاسِطَةٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ قَصِيدَةِ ابْنِ مَكِّيٍّ) الْمُسَمَّاةِ بِالصَّلَاحِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَهْدَاهَا لِلسُّلْطَانِ يُوسُفَ صَلَاحِ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا وَأَمَرَ بِتَعْلِيمِهَا حَتَّى لِلصِّبْيَانِ فِي الْمَكَاتِبِ قَالَ فِي تِلْكَ الْقَصِيدَةِ:
وَإِنْ أَرَدْت أَنْ تَحُدَّ الْجَهْلَا ... مِنْ بَعْدِ حَدِّ الْعِلْمِ كَانَ سَهْلَا
وَهُوَ انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ ... فَاحْفَظْ فَهَذَا أَوْجَزُ الْحُدُودِ
وَقِيلَ فِي تَحْدِيدِهِ مَا أَذْكُرُ ... مِنْ بَعْدِ هَذَا وَالْحُدُودُ تَكْثُرُ
تَصَوُّرُ الْمَعْلُومِ هَذَا جُزْؤُهُ ... وَجُزْؤُهُ الْآخَرُ يَأْتِي وَصْفُهُ
مُسْتَوْعِبًا عَلَى خِلَافِ هَيْئَتِهِ ... فَافْهَمْ فَهَذَا الْقَيْدُ مِنْ تَتِمَّتِهِ
(قَوْلُهُ: وَاسْتَغْنَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الِانْتِفَاءَ لَا يَصِحُّ إلَّا حَيْثُ يَكُونُ الثُّبُوتُ بِخِلَافِ الْعَدَمِ، فَإِنَّهُ أَعَمُّ.
(قَوْلُهُ: عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ) قَالَ النَّاصِرُ: الْمَقَامُ لِمَنْ دُونَ مَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: صِفَةٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ قُرْبُهُ إلَى غَيْرِ الْعَاقِلِ اهـ.
قَالَ سم، وَأَيْضًا فَمَا تُطْلَقُ عَلَى الْعَاقِلِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَلَعَلَّ وَجْهَ إيثَارِ مَا نُقِلَ اجْتِمَاعُ مِنْ مَعَ حَرْفِ الْجَرِّ الْمُمَاثِلِ لَهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الشَّارِحَ نَاقِلٌ لِهَذِهِ الْعِبَارَةِ عَنْ غَيْرِهِ اهـ.
وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ كَلَامُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَوَاقِعَ الْكَلَامِ اهـ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ غَرَضَ النَّاصِرِ إبْدَاءُ مُنَاسَبَةٍ لِلتَّعْبِيرِ بِمَا دُونَ مِنْ لَا الِاعْتِرَاضُ عَلَى