للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَإِلَّا لَمَا وَجَبَ قَضَاءُ الظُّهْرِ مَثَلًا عَلَى مَنْ نَامَ جَمِيعَ وَقْتِهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي حَقِّهِ لِغَفْلَتِهِ (وَقِيلَ) يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى (الْمُسَافِرِ دُونَهُمَا) أَيْ دُونَ الْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ لِقُدْرَةِ الْمُسَافِرِ عَلَيْهِ وَعَجْزِ الْحَائِضِ عَنْهُ شَرْعًا وَالْمَرِيضِ حِسًّا فِي الْجُمْلَةِ

ــ

[حاشية العطار]

الْقَضَاءِ بِقَدْرِ الْفَائِتِ وَاجِبٌ كَبَدَلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَدَلًا بَلْ فِعْلًا مُقْتَضِيًا، وَأَمَّا كَوْنُ الْقَضَاءِ يَتَرَتَّبُ عَلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ أَوْ نَفْسِ الْوُجُوبِ فَشَيْءٌ آخَرُ لَا تَعَلُّقَ بِهِ بِالِاسْتِدْلَالِ وَلَا تَعَرُّضَ لَهُ فِيهِ بِوَجْهٍ اهـ.

قَالَ سم وَهُوَ إشْكَالٌ حَسَنٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ فِي قَوْلِهِ بِأَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ إلَخْ مَعْنَاهُ الْقَضَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَعْنِي كَوْنَهُ بِقَدْرِ مَا فَاتَهُمْ الْمُشْعِرُ ذَلِكَ بِبَدَلِيَّتِهِ فَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كَوْنَ الْقَضَاءِ بِقَدْرِ مَا فَاتَهُمْ الْمُشْعِرُ بِالْبَدَلِيَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْقِ نَفْسِ الْوُجُوبِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ سَبْقُ إدْرَاكِ سَبَبِ الْوُجُوبِ أَيْ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدُ إدْرَاكِ سَبَبِ الْوُجُوبِ مُصِحًّا لِكَوْنِ الْقَضَاءِ بِقَدْرِ مَا فَاتَ وَلِلْبَدَلِيَّةِ إذْ يَكْفِي فِي تَحَقُّقِهَا أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ لَوْلَا الْعُذْرُ وَلَا بُدَّ لِنَفْيِ ذَلِكَ مِنْ دَلِيلٍ.

(قَوْلُهُ: لَا عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْوُجُوبَ فِي الْجُمْلَةِ أَعَمُّ مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى الْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ مُنِعَتْ الْمُلَازَمَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا إلَخْ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْوُجُوبَ فِي حَقِّ الْقَاضِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ كَلَامِهِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّوَقُّفَ إنَّمَا هُوَ السَّبَبُ لِجَوَازِ التَّوَقُّفِ عَلَى الْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ فِي تَعْرِيفِ الْقَضَاءِ حَيْثُ قَالُوا اسْتِدْرَاكًا لِمَا سَبَقَ لَهُ وُجُوبٌ مُطْلَقًا قَالَهُ النَّاصِرُ.

قَالَ سم وَجَوَابُهُ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّوَقُّفَ إنَّمَا هُوَ عَلَى السَّبَبِ إلَخْ، قُلْنَا: الْحَصْرُ فِي قَوْلِهِ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ إضَافِيٌّ أَيْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ بِالْفِعْلِ عَلَى الْقَاضِي بَلْ يَكْفِي فِيهِ اسْتِدْرَاكُ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي تَعْرِيفِ الْقَضَاءِ الْوُجُوبَ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ السَّبَبَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ تَحَقَّقَ الْوُجُوبُ فِي الْجُمْلَةِ بَلْ قَدْ يَنْتَفِي الْوُجُوبُ فِي الْجُمْلَةِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ لِإِدْرَاكِ السَّبَبِ كَمَا لَوْ عَمَّ الْعُذْرُ جَمِيعَ الْمُكَلَّفِينَ، فَإِنَّهُ لَا وُجُوبَ حِينَئِذٍ مُطْلَقًا مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ أَدْرَكَ السَّبَبَ وَمِنْ هُنَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْحَصْرِ حَقِيقِيًّا وَأَنْ لَا يَتَوَقَّفَ إلَّا عَلَى إدْرَاكِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ دَارَ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا بِخِلَافِ الْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمَا وَجَبَ قَضَاءُ الظُّهْرِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ عَلَى الْقَاضِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ كَلَامِهِ أَمَّا عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ الْوُجُوبُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ إلَخْ) إنْ أَرَادَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الْوُجُوبِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعْسِرَ بِالدَّيْنِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ الْحُكْمِ بِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَفِي حَالِ الْعُسْرِ لَا يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلَهُ وَقِيلَ يَجِبُ الصَّوْمُ إلَخْ) نَقَلَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: حِسًّا أَوْ شَرْعًا مُطْلَقًا) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ لَا فِي التَّفْصِيلِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرِيضَ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ الصَّوْمُ لِعَجْزِهِ عَنْهُ، وَقَدْ يُمْكِنُهُ لَكِنْ مَعَ مَشَقَّةٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ، فَإِذَا قِيلَ: إنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الصَّوْمِ حِسًّا عَلَى الْإِجْمَالِ، صَحَّ ذَلِكَ نَظَرًا إلَى عَجْزِهِ فِي إحْدَى حَالَتَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ نِسْبَةُ الْعَجْزِ إلَيْهِ تَفْصِيلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>