(وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ) يَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُسَافِرِ دُونَهُمَا (أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ) الْحَاضِرِ أَوْ آخَرَ بَعْدَهُ فَأَيُّهُمَا أَتَى بِهِ فَقَدْ أَتَى بِالْوَاجِبِ كَمَا فِي خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ (وَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ) أَيْ رَاجِعٌ إلَى اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ تَرْكَ الصَّوْمِ حَالَةَ الْعُذْرِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَالْقَضَاءُ بَعْدَ زَوَالِهِ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا.
(وَفِي كَوْنِ الْمَنْدُوبِ مَأْمُورًا بِهِ) أَيْ مُسَمًّى بِذَلِكَ حَقِيقَةً (خِلَافٌ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَمَ رَ حَقِيقَةٌ فِي الْإِيجَابِ كَصِيغَةِ أَفْعَلَ فَلَا يُسَمَّى وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ أَوْ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ أَيْ طَلَبُ الْفِعْلِ فَيُسَمَّى وَرَجَّحَهُ الْآمِدِيُّ أَمَّا كَوْنُهُ مَأْمُورًا بِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْأَمْرِ أَيْ صِيغَةُ أَفْعَلَ فَلَا نِزَاعَ فِيهِ سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّهَا مَجَازٌ فِي النَّدْبِ أَمْ حَقِيقَةٌ فِيهِ كَالْإِيجَابِ خِلَافٌ يَأْتِي (وَالْأَصَحُّ لَيْسَ) الْمَنْدُوبُ (مُكَلَّفًا بِهِ وَكَذَا الْمُبَاحُ) أَيْ الْأَصَحُّ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِهِ.
(وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ هُنَا، وَهُوَ أَنَّ الْمَنْدُوبَ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِهِ أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (كَانَ التَّكْلِيفُ إلْزَامَ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ) مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ (لَا طَلَبُهُ) أَيْ طَلَبُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ أَوْ لَا
ــ
[حاشية العطار]
لِعَدَمِ عَجْزِهِ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى قَالَهُ الْكَمَالُ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ مُوَافِقٌ لِمَا قَبْلَهُ فِي الْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ وَمُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: الشَّهْرُ الْحَاضِرُ لَا يَجِبُ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِطَرِيقِ الْبَدَلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِ قَوْلِ الْإِمَامِ فِي الْمَرِيضِ لِأَنَّ عُذْرَهُ كَالْمُسَافِرِ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ فِي مَرِيضٍ يُفْضِي بِهِ الصَّوْمُ لِهَلَاكِ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، فَلَوْ تَحَمَّلَ وَصَامَ صَحَّ صَوْمُهُ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا.
(قَوْلُهُ: أَحَدُ الشَّهْرَيْنِ) فَيُخَاطَبُ حَالَ سَفَرِهِ بِالْأَحَدِ الدَّائِرِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ بِرَمَضَانَ وَجَوَازُ التَّأْخِيرِ لِلْعُذْرِ.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْمَعْنَى) أَيْ فَلَا ثَمَرَةَ لَهُ وَفِيهِ أَنَّ لَهُ ثَمَرَةً فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظُهُورَ فَائِدَتِهِ فِي وُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِلْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فِي النِّيَّةِ وَنُوقِشَ.
(قَوْلُهُ: أَيْ مُسَمًّى بِذَلِكَ حَقِيقَةً) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ كَوْنُهُ يُسَمَّى مَأْمُورًا بِهِ تَسْمِيَةً حَقِيقِيَّةً لَا كَوْنُهُ مُتَعَلِّقَ الْأَمْرِ أَيْ صِيغَةَ أَفْعَلَ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أم ر) كُتِبَتْ مُفَكَّكَةَ الْحُرُوفِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ هَذِهِ الْمَادَّةُ حَيْثُمَا وُجِدَتْ فِي فِعْلٍ أَوْ مَصْدَرٍ أَوْ مُشْتَقٍّ.
(قَوْلُهُ: كَصِيغَةِ أَفْعَلَ) لَيْسَ التَّنْظِيرُ بِهَا فِي أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْإِيجَابِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّهَا مَجَازٌ فِي النَّدْبِ إلَخْ بَلْ التَّنْظِيرُ فِيهَا إنَّمَا هُوَ فِي أَنَّ أَمَرَ حَقِيقَةٌ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ لَيْسَ الْمَنْدُوبُ مُكَلَّفًا بِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَلْزُومًا بِهِ فَيَجُوزُ تَرْكُهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَحِينَئِذٍ لَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى بَلْ الْخُلْفُ لَفْظِيٌّ مَبْنَاهُ الْخُلْفُ فِي تَفْسِيرِ التَّكْلِيفِ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَلَمْ يَكْتَنِفْ بِالْعِلْمِ بِالْخِلَافِ فِيهِ مَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي التَّكْلِيفِ كَمَا تَرَكَ التَّعَرُّضَ لِلْمَكْرُوهِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى اكْتِفَاءً بِذَلِكَ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ فِي خُصُوصِ الْمَنْدُوبِ وَلَمْ يَقَعْ فِي خُصُوصِ الْمَكْرُوهِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ تَعْرِيفَ التَّكْلِيفِ بِمَا ذُكِرَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى انْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ بِالْمَنْدُوبِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ وَهُوَ مَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْعَضُدِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ بَيْنَهُمَا تَلَازُمًا مُصَحِّحًا لِتَرَتُّبِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَظْهَرُ الْعَكْسَ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّ الْمَنْدُوبَ) فِيهِ تَعْرِيضٌ بِالِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ الشَّارِحُ وَالْمُبَاحُ وَأَنَّ قَوْلَهُ أَيْ الْأَصَحُّ لِمُجَارَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَخُصَّ الْمَنْدُوبُ دُونَ الْمُبَاحِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْعُدُولِ عَنْ أَحَدِ التَّعْرِيفَيْنِ إلَى الْآخَرِ.
وَقَالَ سم بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ