للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ عَادِيًّا) كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ لِغَسْلِ الْوَجْهِ فَلَا يَجِبُ بِوُجُوبِ مَشْرُوطِهِ إذْ لَا وُجُودَ لِمَشْرُوطِهِ عَقْلًا أَوْ عَادَةً بِدُونِهِ فَلَا يَقْصِدُهُ الشَّارِعُ بِالطَّلَبِ بِخِلَافِ الشَّرْعِيِّ، فَإِنَّهُ لَوْلَا اعْتِبَارُ الشَّرْعِ لَهُ لَوُجِدَ مَشْرُوطُهُ بِدُونِهِ وَسَكَتَ الْإِمَامُ عَنْ السَّبَبِ، وَهُوَ لِاسْتِنَادِ الْمُسَبَّبِ إلَيْهِ فِي الْوُجُودِ كَاَلَّذِي نَفَاهُ فَلَا يَقْصِدُهُ الشَّارِعُ بِالطَّلَبِ فَلَا يَجِبُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ الْكَبِيرِ مُخْتَارًا لِقَوْلِ الْإِمَامِ

ــ

[حاشية العطار]

(قَوْلُهُ: كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ) ، فَإِنَّ الْغَسْلَ إلَى حَدِّ الْوَجْهِ بِأَوَّلِ شَعْرَةٍ مِنْ الرَّأْسِ مُتَعَذِّرٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ بِوُجُوبِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يَجِبُ بِوَجْهٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَقْصِدُهُ الشَّرْعُ بِالطَّلَبِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ أَصْلًا مَعَ أَنَّ النِّزَاعَ فِي وُجُوبِهِ بِوُجُوبِ الْوَاجِبِ أَوْ بِوَجْهٍ مَا مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِهِ فِي نَفْسِهِ، وَقَدْ يُقَالُ الْمَعْنَى فَلَا يَقْصِدُهُ الشَّرْعُ بِالطَّلَبِ لِمَشْرُوطِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَصَدَهُ بِطَلَبٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَوْلَا اعْتِبَارُ الشَّرْعِ) أَيْ طَلَبِهِ وَأَوْرَدَ النَّاصِرُ أَنَّ اعْتِبَارَهُ إنْ كَانَ بِاشْتِرَاطِهِ لَمْ يُفِدْ الدَّلِيلَ وُجُوبُهُ بِوُجُوبِ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ مَطْلُوبُ الدَّلِيلِ، وَإِنْ كَانَ بِإِيجَابِهِ بِوُجُوبِ الْوَاجِبِ مَنَعَ اللُّزُومَ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ اشْتِرَاطِهِ كَافٍ فِي انْتِفَاءِ وُجُودِ مَشْرُوطِهِ بِدُونِهِ اهـ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ اشْتِرَاطَهُ لِذَلِكَ الْوَاجِبِ فِي نَفْسِهِ لَا فِي هَذَا الطَّلَبِ الْجَدِيدِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَهُ فِي ذَلِكَ الْوَاجِبِ فِي حَدِّ نَفْسِهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ إلَّا بِاعْتِبَارِ الشَّرْعِ، وَإِلَّا فَيُمْكِنُ وُجُودُ صُورَةِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ بِدُونِهِ كَانَ اللَّائِقُ قَصْدَ الشَّارِعِ لَهُ بِطَلَبِ الْوَاجِبِ لِلْحَاجَةِ إلَى قَصْدِهِ بِهِ لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِيهِ بِخِلَافِ الْعَقْلِيِّ وَالْعَادِيِّ، فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ وُجُودُ صُورَةِ الْوَاجِبِ بِدُونِهِمَا كَانَ فِي طَلَبِهِ غَنِيَّةٌ عَنْ قَصْدِهِمَا بِالطَّلَبِ؛ لِأَنَّ تَوَقُّفَ وُجُودِهِ عَلَيْهِمَا مُقْتَضٍ لَهُمَا وَمُغْنٍ عَنْ قَصْدِهِمَا فَتَأَمَّلْهُ اهـ.

وَخُلَاصَتُهُ اخْتِيَارُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَتَتْمِيمُ الدَّلِيلِ بِأَنْ يُقَالَ فَاللَّائِقُ قَصْدُ الشَّارِعِ لَهُ بِطَلَبِ الْوَاجِبِ.

(قَوْلُهُ: لَوُجِدَ) إذْ لَا تُوقَفُ عَلَيْهِ لَا عَادَةً وَلَا عَقْلًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ السَّبَبُ (قَوْلُهُ: كَاَلَّذِي نَفَاهُ) أَيْ كَالشَّرْطِ الَّذِي نَفَى وُجُوبَهُ بِوُجُوبِ الْمَشْرُوطِ وَهُوَ الشَّرْطُ الْعَقْلِيُّ وَالشَّرْطُ الْعَادِيُّ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ) أَيْ بِوُجُوبِ الْمُسَبِّبِ أَيْ لَا يَقْصِدُ بِالْأَمْرِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِالْمُسَبَّبِ وَإِلَّا فَهُوَ وَاجِبٌ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ: فِي مُخْتَصَرِهِ الْكَبِيرِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِمُنْتَهَى الْإِرَادَاتِ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ تَنْبِيهٌ عَلَى رَدِّ مَا قَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ، فَإِنَّهُ قَرَّرَ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ شَرَطَا الشَّرْطَ الشَّرْعِيَّ، وَزَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الِاحْتِرَازَ بِهِ عَنْ الشَّرْطِ الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْطِ الْعَادِيِّ لَا عَنْ السَّبَبِ، وَإِنْ حَمَلَ كَلَامَهُ عَلَى اخْتِيَارِ وُجُوبِ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ دُونَ السَّبَبِ أَيْضًا يَعْنِي كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْعَضُدُ إيقَاعٌ لَهُ فِي خَرْقِ الْإِجْمَاعِ الَّذِي نَقَلَهُ هُوَ فِيمَا بَعْدُ وَفِيمَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ قَالَ: فَإِنَّ السَّبَبَ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ بِلَا شَكٍّ.

وَقَدْ رَدَّهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ أَفْصَحَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْكَبِيرِ تَرْجِيحُ عَدَمِ وُجُوبِ السَّبَبِ فَانْدَفَعَ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى دَفْعِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّ السَّبَبَ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ مِنْ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ بِلَا شَكٍّ فَدَفَعَهُ الشَّارِحُ بِالْمَنْعِ، وَأَيَّدَهُ بِأَنَّ السَّبَبَ يَنْقَسِمُ كَالشَّرْطِ إلَى شَرْعِيٍّ وَعَقْلِيٍّ وَعَادِيٍّ أَيْ وَوَجْهُ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ السَّبَبِ الْعَقْلِيِّ وَالْعَادِيِّ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ مِنْ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ نَعَمْ وَجْهُ كَوْنِ السَّبَبِ الشَّرْعِيِّ أَوْلَى ظَاهِرُهُ مِنْ جِهَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>