لِلْمُخَاطَبِ دُونَ الْمَجَازِ (أَوْ بَلَاغَتِهِ) نَحْوُ زَيْدٌ أَسَدٌ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ شُجَاعٍ (أَوْ شُهْرَتِهِ) دُونَ الْحَقِيقَةِ (أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَإِخْفَاءِ الْمُرَادِ عَنْ غَيْرِ الْمُتَخَاطِبِينَ الْجَاهِلِ بِالْمَجَازِ دُونَ الْحَقِيقَةِ وَكَإِقَامَةِ الْوَزْنِ وَالْقَافِيَةِ وَالسَّجْعِ بِهِ دُونَ الْحَقِيقَةِ (وَلَيْسَ الْمَجَازُ غَالِبًا عَلَى اللُّغَاتِ خِلَافًا لِابْنِ جِنِّي) بِسُكُونِ الْيَاءِ مُعَرَّبُ كِنِّي بَيْنَ الْكَافِ وَالْجِيمِ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ غَالِبٌ فِي كُلِّ لُغَةٍ
ــ
[حاشية العطار]
مَعْرِفَةِ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مَجَازٌ مَعْرِفَةُ الْحَقِيقَةِ بِعَيْنِهَا فَلَا يُقَالُ الْمَجَازُ مَصْحُوبٌ بِالْعَلَاقَةِ وَهِيَ ارْتِبَاطٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ فَيَلْزَمُ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمَجَازِ الْعِلْمُ بِالْحَقِيقَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَلَاغَتِهِ) لَيْسَ الْمُرَادُ الْبَلَاغَةَ الْبَيَانِيَّةَ إذْ لَا تَكُونُ فِي الْمُفْرَدِ بَلْ الْمُرَادُ الْأَبْلَغِيَّةُ فِي الْوَصْفِ لِأَنَّ الْمَجَازَ انْتِقَالٌ مِنْ الْمَلْزُومِ إلَى اللَّازِمِ فَهُوَ كَدَعْوَى الشَّيْءِ بِبَيِّنَةٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: زَيْدٌ أَسَدٌ) التَّمْثِيلُ بِهِ عَلَى مُخْتَارِ التَّفْتَازَانِيِّ أَنَّهُ اسْتِعَارَةٌ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ أَبْلَغُ) مِنْ شُجَاعٍ قَالَ النَّاصِرُ تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِأَبْلَغَ الْمُوَافِقِ لِتَعْبِيرِهِمْ فِي اقْتِضَاءِ ثُبُوتِ الْبَلَاغَةِ لِلْحَقِيقَةِ أَيْضًا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ قَالَ أَوْ أَبْلَغِيَّتُهُ كَانَ أَوْلَى اهـ.
قَالَ سم وَقَدْ يُوَجَّهُ عُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْ التَّعْبِيرِ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ لِعَدَمِ اطِّرَادِهِ إذْ قَدْ يَنْفَرِدُ الْمَجَازُ بِالْبَلَاغَةِ دُونَهَا بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِبَلَاغَتِهِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فَإِنَّهُ مُطَّرِدٌ سَوَاءٌ تَشَارَكَا فِي الْأَصْلِ أَوْ لَا. اهـ.
أَقُولُ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَبْلَغِيَّةِ لَوُجِّهَ أَيْضًا فَإِنَّهُ نَقَلَ دده أَفَنْدِي فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ تَصْرِيفِ الْعِزِّيِّ لِلتَّفْتَازَانِيِ إنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ قَدْ يَكُونُ الْمُشَارَكَةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْهُ تَقْدِيرِيَّةً فَرْضِيَّةً اعْتِقَادِيَّةً وَمِنْهُ حَدِيثُ اللَّهُمَّ أَبْدَلَنِي خَيْرًا مِنْهُمْ أَيْ فِي اعْتِقَادِهِمْ وَأَبْدِلْهُمْ بِي شَرًّا أَيْ فِي اعْتِقَادِهِمْ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرٌّ وقَوْله تَعَالَى {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} [الفرقان: ٢٤] وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُهُمْ زَيْدٌ أَعْلَمُ مِنْ الْحِمَارِ وَعَمْرٌو أَفْصَحُ مِنْ الْأَشْجَارِ أَيْ لَوْ كَانَ لِلْحِمَارِ عِلْمٌ وَلِلْأَشْجَارِ فَصَاحَةٌ.
(قَوْلُهُ: غَالِبٌ فِي كُلِّ لُغَةٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَلْ فِي اللُّغَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute