كَمُنَاسَبَتِهِ لِلْأَوَّلِ سَوَاءٌ لِمُسَاوَاةِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ لِحُرْمَةِ الرَّضَاعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي أَصْلًا لِأَنَّ بِهَا وَصْفَيْنِ لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَرُمَتْ لَهُ كَوْنُهَا رَبِيبَةً وَكَوْنُهَا ابْنَةَ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ وَالنِّسَاءُ حَيْثُ تَحَدَّثْنَ لَمَّا قَامَ عِنْدَهُنَّ بِإِرَادَتِهِ نِكَاحَهَا جَوَّزْنَ أَنْ يَكُونَ حِلُّهَا مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ فِي حِجْرِي عَلَى وَفْقِ الْآيَةِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا وَيُجْمَعُ بَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي اسْمِهَا مِنْ أَنَّهُ دُرَّةُ وَبَيْنَ مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْهَا «كَانَ اسْمِي بَرَّةَ فَسَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْنَبَ وَقَالَ لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ بِأَنَّ لَهَا اسْمَيْنِ قَبْلَ التَّغْيِيرِ» (أَوْ الْأَدْوَنِ كَقَوْلِك) فِيمَنْ عُرِضَ عَلَيْك نِكَاحُهَا (لَوْ انْتَفَتْ أُخُوَّةُ النَّسَبِ) بَيْنِي وَبَيْنَهَا (لَمَا حَلَّتْ) لِي (لِلرَّضَاعِ) بَيْنِي وَبَيْنَهَا بِالْأُخُوَّةِ وَهَذَا الْمِثَالُ لِلْأُولَى انْقَلَبَ عَلَى الْمُصَنِّفِ سَهْوًا وَصَوَابُهُ لِيَكُونَ لِلْأَدْوَنِ لَوْ انْتَفَتْ أُخُوَّةُ الرَّضَاعِ لَمَا حَلَّتْ لِلنَّسَبِ رَتَّبَ عَدَمَ حِلِّهَا عَلَى عَدَمِ أُخُوَّتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ الْمُبَيَّنِ بِأُخُوَّتِهَا مِنْ النَّسَبِ الْمُنَاسِبِ هُوَ لَهَا شَرْعًا فَيَتَرَتَّبُ أَيْضًا فِي قَصْدِهِ عَلَى أُخُوَّتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ الْمُفَادِ بِلَوْ الْمُنَاسِبِ هُوَ لَهَا شَرْعًا لَكِنْ دُونَ مُنَاسَبَتِهِ لِلْأَوَّلِ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ أَدْوَنُ مِنْ حُرْمَةِ النَّسَبِ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي أَصْلًا لِأَنَّ بِهَا وَصْفَيْنِ لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَرُمَتْ لَهُ أُخُوَّتُهَا مِنْ النَّسَبِ وَأُخُوَّتُهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَإِنَّمَا قَالَ كَقَوْلِك كَذَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ لَمْ يَجِدْ نَحْوَهُ فِيمَا يُسْتَشْهَدُ بِهِ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ أُسْلُوبِهِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ الْمُسَاوَاةِ الْمُسَاوِي لَكَانَ أَنْسَبَ بِقِسْمَيْهِ وَلَوْ أَسْقَطَ لَامَ لَمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَوَافَقَ الِاسْتِعْمَالَ الْكَثِيرَ مَعَ الِاخْتِصَارِ.
وَقَدْ تَجَرَّدَتْ لَوْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ عَنْ الزَّمَانِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فِيهَا، أَمَّا أَمْثِلَةُ بَقِيَّةِ أَقْسَامِ هَذَا الْقِسْمِ فَنَحْوُ لَوْ أَهَنْت زَيْدًا لَأَثْنَى عَلَيْك أَيْ فَيُثْنِي مَعَ عَدَمِ الْإِهَانَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ تَرَكَ الْعَبْدُ سُؤَالَ رَبِّهِ لَأَعْطَاهُ أَيْ فَيُعْطِيهِ مَعَ السُّؤَالِ مِنْ بَابِ أَوْلَى {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} [لقمان: ٢٧] إلَى {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: ٢٧] أَيْ فَمَا تَنْفُذُ مَعَ انْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ مِنْ بَابِ أَوْلَى (وَتَرِدُ) لَوْ (لِلتَّمَنِّي وَالْعَرْضِ وَالتَّحْضِيضِ) فَيُنْصَبُ الْمُضَارِعُ بَعْدَ الْفَاءِ فِي جَوَابِهَا لِذَلِكَ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ نَحْوُ لَوْ تَأْتِينِي فَتُحَدِّثَنِي، لَوْ تَنْزِلُ عِنْدِي فَتُصِيبَ خَيْرًا، لَوْ تَأْمُرُ فَتُطَاعَ، وَمِنْ الْأَوَّلِ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ لَيْتَ لَنَا وَتَشْتَرِكُ الثَّلَاثَةُ فِي الطَّلَبِ وَهُوَ فِي التَّحْضِيضِ بِحَثٍّ.
وَفِي الْعَرْضِ بِلِينٍ وَفِي التَّمَنِّي لِمَا لَا طَمَعَ فِي وُقُوعِهِ (وَالتَّقْلِيلِ نَحْوُ) حَدِيثِ «تَصَدَّقُوا وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ»
ــ
[حاشية العطار]
لِأَنَّهَا لِامْتِنَاعِ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ هُنَا نَفْيٌ وَالنَّفْيُ إثْبَاتٌ.
(قَوْلُهُ: كَوْنُهَا) بَدَلًا مِنْ وَصْفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ خَصَائِصِهِ) وَإِلَّا فَهُمْ يَعْتَرِفُونَ أَنَّ بِنْتَ الزَّوْجَةِ لَا تَحِلُّ.
(قَوْلُهُ: وَيُجْمَعُ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى اتِّحَادِ مُسَمَّى الِاسْمَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا بِنْتَانِ لِأُمِّ سَلَمَةَ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ زَيْنَبُ وَدُرَّةُ فَتَكَلُّفُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى وَهْمٍ.
(قَوْلُهُ: لَا تُزَكُّوا) أَيْ لِأَنَّ فِي التَّسْمِيَةِ بِبَرَّةٍ تَزْكِيَةٌ لِلنَّفْسِ بِاعْتِبَارِ لَمْحِ الصِّفَةِ وَإِلَّا فَالْأَعْلَامُ لَا تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى الذَّاتِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ انْتَفَتْ) أَيْ ثَبَتَتْ كَمَا هُوَ مُفَادُ لَوْ.
(قَوْلُهُ: انْقَلَبَ عَلَى الْمُصَنِّفِ) بِأَنْ صَارَ الْجَوَابُ شَرْطًا وَالشَّرْطُ جَوَابًا.
(قَوْلُهُ: رَتَّبَ) أَيْ قَبْلَ دُخُولِ لَوْ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّصْوِيبِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: أَدْوَنُ) أَيْ أَقَلُّ أَفْرَادًا مِنْ حُرْمَةِ النَّسَبِ.
(قَوْلُهُ: أَخَوَاتِهَا) بِالنَّصْبِ بَدَلٌ مِنْ وَصْفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَوْضِعَيْنِ) وَهُوَ قَوْلُهُ لَوْ كَانَ إنْسَانًا لَكَانَ حَيَوَانًا إلَخْ وَقَوْلُهُ لَوْ انْتَفَتْ أُخُوَّةُ النَّسَبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ أُسْلُوبِهِ) أَيْ أُسْلُوبِ مَا يُسْتَشْهَدُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: بِقِسْمَيْهِ) أَيْ الْأَدْوَنِ وَالْمُسَاوِي.
(قَوْلُهُ: الِاسْتِعْمَالُ الْكَثِيرُ) وَهُوَ تَرْكُ اللَّامِ فِي جَوَابِ النَّفْيِ.
(قَوْلُهُ: هَذَا الْقِسْمُ) وَهُوَ ثُبُوتُ التَّالِي إنْ لَمْ يُنَافِ انْتِفَاءَ الْمُقَدِّمِ وَنَاسَبَ انْتِفَاءَهُ وَقَدْ مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ لِلْمَنْفِيَّيْنِ فَيَبْقَى الْمُثْبَتَانِ وَالْمَنْفِيُّ فِي الشَّرْطِ وَالْمُثْبَتُ فِي الْجَوَابِ وَعَكْسُهُ وَقَدْ تَكَفَّلَ بِذَلِكَ الشَّارِحُ لَكِنَّ الْأَمْثِلَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْمُنَاسِبِ الْأَوْلَى وَحَاصِلُ الْأَقْسَامِ اثْنَا عَشَرَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَوْلَى أَوْ مُسَاوٍ أَوْ أَدْوَنُ.
(قَوْلُهُ: لَوْ تَرَكَ الْعَبْدُ إلَخْ) فِي مَعْنَى النَّفْيِ فَلِذَا كَانَ مِثَالًا لِمَا إذَا كَانَ الْمُقَدِّمُ مَنْفِيًّا.
(قَوْلُهُ: كَلِمَاتُ اللَّهِ) أَيْ مَعْلُومَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَتَرِدُ لَوْ إلَخْ) أَظْهَرَ وَلَمْ يَأْتِ بِالضَّمِيرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ عَلَى لَوْ الشَّرْطِيَّةِ وَهَاهُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَيُنْصَبُ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ الْأَوَّلِ) أَشَارَ بِهِ