للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يُرَدْ تَنَاوُلُهُ لَهُ أَوْ أُرِيدَ وَرُجِّحَ الثَّانِي عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُحَرِّمٌ.

(وَ) الْأَصَحُّ (تَعْمِيمُ نَحْوَ لَا يَسْتَوُونَ) مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: ١٨] {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الحشر: ٢٠] فَهُوَ لِنَفْيِ جَمِيعِ وُجُوهِ الِاسْتِوَاءِ الْمُمْكِنِ نَفْيُهَا لِتَضَمُّنِ الْفِعْلِ الْمَنْفِيِّ لِمَصْدَرٍ مُنَكَّرٍ وَقِيلَ لَا يَعُمُّ نَظَرًا إلَى أَنَّ الِاسْتِوَاءَ الْمَنْفِيَّ هُوَ الِاشْتِرَاكُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَعَلَى التَّعْمِيمِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ وَمِنْ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ وَخَالَفَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْحَنَفِيَّةُ.

ــ

[حاشية العطار]

بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يُسَقْ. (قَوْلُهُ: بِمِلْكِ الْيَمِينِ) وَكَذَا بِالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِمَامِ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ حَيْثُ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ عَلَى إبَاحَةِ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أُرِيدَ) أَيْ تَنَاوُلُهُ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ عَامٌّ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مُحَرِّمٌ) أَيْ وَدَرْءُ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ

(قَوْلُهُ: لَا يَسْتَوُونَ) وَمِثْلُ نَفْيِ الِاسْتِوَاءِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ التَّسَاوِي وَالْمُسَاوَاةِ وَالتَّمَاثُلِ وَالْمُمَاثَلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِيهِ نَفْيُهُ فِي فِعْلٍ مِثْلِ لَا يَسْتَوِي كَذَا وَكَذَا أَوْ فِي اسْمٍ مِثْلِ لَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ كَذَا وَكَذَا كَذَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ قَالَهُ الْغُنَيْمِيُّ وَانْظُرْ الْمُشَابَهَةَ وَأَقُولُ فِي التَّمْهِيدِ مَا نَصُّهُ مُسَاوَاةُ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ كَقَوْلِنَا اسْتَوَى زَيْدٌ وَعَمْرٌو أَوْ تَمَاثَلَا أَوْ هُوَ كَهُوَ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ اهـ. فَدَخَلَتْ الْمُشَابَهَةُ.

(قَوْلُهُ: الْمُمْكِنِ نَفْيُهَا) قُيِّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْوُجُوهِ لَا يُمْكِنُ نَفْيُهَا وَأَقَلُّ ذَلِكَ مُغَايَرَتُهُمَا لِجَمِيعِ مَا عَدَاهُمَا وَكَالْوُجُودِ وَالشَّيْئِيَّةِ فَمَا عَدَا الْوُجُوهَ الْمُمْكِنَ نَفْيُهَا مَخْصُوصٌ بِالْعَقْلِ.

(قَوْلُهُ: لِتَضَمُّنِ الْفِعْلِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْمَصْدَرِ دَلَالَةَ تَضَمُّنٍ وَالْمَصْدَرُ نَكِرَةٌ فَإِذَا وَقَعَ الْفِعْلُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَحَقَّقَ وُقُوعُ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِهِ فَتَعُمُّ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِعُمُومِ نَفْيِ الِاسْتِوَاءِ لَكِنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْتَجَ عُمُومَ كُلِّ فِعْلٍ وَذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى مِنْ أَفْرَادِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَعُمُّ) قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ مَأْخَذُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الِاسْتِوَاءَ فِي الْإِثْبَاتِ هَلْ هُوَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي اللُّغَةِ أَوْ مَدْلُولُهُ لُغَةً الِاسْتِوَاءُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ فَإِنْ قُلْنَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَنَفْيُهُ مِنْ سَلْبِ الْعُمُومِ فَلَا يَكُونُ عَامًّا وَإِنْ قُلْنَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ فَهُوَ مِنْ عُمُومِ السَّلْبِ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ نَقِيضَ الْإِيجَابِ الْكُلِّيِّ سَلْبٌ جُزْئِيٌّ وَنَقِيضَ الْإِيجَابِ الْجُزْئِيِّ سَلْبٌ كُلِّيٌّ وَقَرَّرَهُ مِثْلَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ وَالشَّارِحُ عَوَّلَ فِي تَعْلِيلِ الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ بِتَضَمُّنِ الْفِعْلِ الْمَنْفِيِّ لِمَصْدَرٍ مُنَكَّرٍ وَفِي الْقَوْلِ بِعَدَمِهِ فَإِنَّ الِاسْتِوَاءَ الْمَنْفِيَّ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَنْفِيُّ هُوَ الِاشْتِرَاكُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ كَانَ النَّفْيُ مِنْ قَبِيلِ عُمُومِ السَّلْبِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ إيجَابٌ جُزْئِيٌّ وَرَفْعُهُ سَلْبٌ كُلِّيٌّ فَيُفِيدُ هَذَا التَّعْلِيلُ الْعُمُومَ لَا عَدَمَهُ وَقَدْ يُؤَوَّلُ كَلَامُ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِوَاءِ هُوَ الِاشْتِرَاكُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ فَيَكُونُ سَلْبًا جُزْئِيًّا فَلَا يُفِيدُ الْعُمُومَ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ مُورِدَ السَّلْبِ هُوَ الِاشْتِرَاكُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَلِي) أُورِدَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِالْفَاسِقِ الْعَاصِي مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَافِرُ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالْمُؤْمِنِ وَإِرَادَة الْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ فَمُقَابِلُهُ فَاسِقٌ يَرُدُّهُ مَا بَعْدَ الْآيَةِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَافِرُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ الْآيَتَيْنِ لَا يَخْتَصُّ بِهَا بَلْ يُسْتَفَادُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا خُصَّ بِهَا نَظَرًا لِلْوَاقِعِ فِي الْخِلَافِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَخَالَفَ) فِي (الْمَسْأَلَتَيْنِ الْحَنَفِيَّةُ) أَيْ بِدَلِيلٍ آخَرَ فِقْهِيٍّ وَهُوَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَظَرَ إلَى أَنَّ عِصْمَةَ الذِّمِّيِّ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ الَّذِي هُوَ حِلْفُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ دُونَ عِصْمَةِ الْمُسْلِمِ الَّتِي تَثْبُتُ بِالْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فَلَا يُقْتَلُ الْمُسَمَّى بِهِ وَأَبَا حَنِيفَةَ نَظَرَ إلَى أَنَّ سَبَبَ الْعِصْمَةِ مُطْلَقُ كَوْنِ الْآدَمِيِّ مُكَلَّفًا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ التَّعَرُّضِ إنَّمَا شُرِعَ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ إقَامَةِ مَا كُلِّفَ بِهِ فَيَكُونُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ مُشْتَرِكَيْنِ فِي التَّكْلِيفِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي مُسَبِّبِهِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ عَلَى السَّوَاءِ ثُمَّ التَّفَاوُتُ فِي التَّكْلِيفِ لَا يُوجِبُ التَّفَاوُتَ فِي الْعِصْمَةِ كَمَا فِي الْفَقِيرِ الْغَيْرِ الْمُكَلَّفِ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالْغَنِيِّ الْمُكَلَّفِ بِهِ قَالَ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُخَالَفَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِدَلِيلٍ تَفْصِيلِيٍّ الْمُخَالَفَةُ فِي عُمُومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>