(وَ) الْأَصَحُّ تَعْمِيمُ نَحْوَ (لَا أَكَلْت) مِنْ قَوْلِك وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت فَهُوَ لِنَفْيِ جَمِيعِ الْمَأْكُولَاتِ بِنَفْيِ جَمِيعِ أَفْرَادِ الْأَكْلِ الْمُتَضَمِّنِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا (قِيلَ وَإِنْ أَكَلْت) فَزَوْجَتِي طَالِقٌ مَثَلًا فَهُوَ لِلْمَنْعِ مِنْ جَمِيعِ الْمَأْكُولَاتِ فَيَصِحُّ تَخْصِيصُ بَعْضِهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالنِّيَّةِ وَيَصْدُقُ فِي إرَادَتِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَعْمِيمَ فِيهِمَا فَلَا يَصِحُّ التَّخْصِيصُ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ النَّفْيَ وَالْمَنْعَ لِحَقِيقَةِ الْأَكْلِ
ــ
[حاشية العطار]
الْآيَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ إرَادَةِ الْعُمُومِ فِي نَفْسِ الْمُسَاوَاةِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي أَنَّهُ هَلْ عُمُومُ نَفْيِ الِاسْتِوَاءِ الْمُخَصَّصِ بِمَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ قَاصِرٌ عَلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ فَلَا يُعَارِضُ آيَاتِ الْقِصَاصِ الْعَامَّةَ وَبِهِ قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ أَمْ يَعُمُّ فِي الدَّارَيْنِ فَيُعَارِضُ آيَاتِ الْقِصَاصِ الْعَامَّةَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَقَوْلُ الْجَارْبُرْدِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ إنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْآيَةَ تُفِيدُ عُمُومَ النَّفْيِ أَوْ لَا رَدَّهُ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَقَالَ الْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ صَرَّحُوا بِعُمُومِهَا فِي نَفْيِ الِاسْتِوَاءِ إلَّا أَنَّ حَقِيقَةَ الْعُمُومِ مَتْرُوكَةٌ بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ بِعَدَمِ قَبُولِهِ حُكْمَ الْحَقِيقَةِ لِوُجُودِ الْمُسَاوَاةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الصِّفَاتِ اهـ.
وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَنْ الْجَارْبُرْدِيِّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يُجْرُونَ الْآيَةَ عَلَى عُمُومِهَا وَإِنْ كَانَتْ عَامَّةً بِحَسَبِ الْأَصْلِ، وَالشَّافِعِيَّةُ يُجْرُونَهَا عَلَى الْعُمُومِ فَلَا يَتَسَاوَى الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ أَصْلًا عِنْدَهُمْ فَلَا يُقْتَلُ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجُوزُ أَنْ يَتَسَاوَيَا حَيْثُ لَمْ يُجْرُوا الْآيَةَ عَلَى الْعُمُومِ فَيَجُوزُ قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ بَلْ يَجِبُ عِنْدَ قِيَامِ الدَّلِيلِ وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْآيَةَ مُجْرَاةٌ عَلَى الْعُمُومِ أَوْ لَا
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ تَعْمِيمُ إلَخْ) أَيْ تَعْمِيمُهُ فِي الْمَأْكُولَاتِ الْمَحْذُوفَةِ لَا فِي الْكُلِّ ثُمَّ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِإِفْرَادِ هَذَا عَمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مُدْرَكَهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ تَضَمُّنُ الْفِعْلِ نَكِرَةً فِي سِيَاقِ النَّفْيِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُدْرَكَ فِيمَا قَبْلَهُ لَيْسَ هُوَ مُجَرَّدَ التَّضَمُّنِ الْمَذْكُورِ بَلْ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ كَمَا قَرَّرْنَا.
(قَوْلُهُ:، نَحْوُ لَا أَكَلْت) أَيْ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ وَقَعَ بَعْدَ نَفْيٍ وَلَمْ يُذْكَرْ مَفْعُولُهُ ثُمَّ إنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَدَوَاتِ النَّفْيِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ وَكَذَا نَفْيُ كُلِّ فِعْلٍ وَتَصْوِيرُ الشَّارِحِ بِلَا أَكَلْت يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْفِعْلِ بِالْمُتَعَدِّي وَأَنَّهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِشَيْءٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْأَفْعَالَ الْقَاصِرَةَ وَقَضِيَّةُ تَمْثِيلِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي كِتَابِ الْإِفَادَةِ بِقَوْلِهِ فَإِذَا قُلْنَا لَا يَقُومُ كَأَنَّا قُلْنَا لَا قِيَامَ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْفِعْلِ نَفْيٌ لِمَصْدَرِهِ وَشُمُولِهِ الْقَاصِرِ أَيْضًا وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ حَيْثُ لَمْ يُقَيَّدْ الْفِعْلُ بِالْمُتَعَدِّي.
(قَوْلُهُ: الْمُتَضَمِّنِ بِالْكَسْرِ صِفَةٌ لِلْأَكْلِ) أَيْ الَّذِي وَقَعَ فِي ضِمْنِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ فَهُوَ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَالْمُتَعَلِّقِ بِالْكَسْرِ وَكِلَاهُمَا تَنَازَعَ قَوْلَهُ بِهَا وَأُعْمِلَ الثَّانِي وَضَمِيرُ بِهَا يَعُودُ لِلْمَأْكُولَاتِ وَلَا مَانِعَ أَيْضًا مِنْ رُجُوعِهِ لِأَفْرَادِ الْمَأْكُولِ. (قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ) أَيْ التَّخْصِيصَ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلْبَعْضِ أَيْ إرَادَةِ الْبَعْضِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُصَدِّقُ بَاطِنًا وَيَنْبَغِي حَمْلُ التَّقْيِيدِ بِالْبَاطِنِ عَلَى الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ دُونَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ اهـ. سم.
(قَوْلِهِ لَا تَعْمِيمَ فِيهِمَا) أَيْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُمَا عَامًّا لَا لَفْظًا وَلَا حُكْمًا إذْ الْعُمُومُ إنَّمَا هُوَ فِي مُتَعَلَّقِهِ لِطَرِيقِ اللُّزُومِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ قَالَ الْكَمَالُ وَتَحْرِيرُ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْصُلُ عِنْدَهُ بِكُلِّ مَأْكُولٍ فَلَا نِزَاعَ عِنْدَهُ فِي عُمُومٍ، نَحْوُ لَا أَكَلْت وَإِنْ أَكَلْت بِهَذَا الْمَعْنَى إنَّمَا النِّزَاعُ فِي قَبُولِ هَذَا الْعُمُومِ لِلتَّخْصِيصِ لِأَنَّ عُمُومَ، نَحْوُ لَا أَكَلْت وَلَا وَإِنْ أَكَلْت عَقْلِيٌّ عِنْدَهُ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْإِرَادَةِ وَلَا يَتَجَزَّأُ بِحَسَبِهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ وَالْمَنْعَ لِحَقِيقَةِ الْأَكْلِ وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ إلَخْ فَلَا يُدَيَّنُ فِي دَعْوَى إرَادَتِهِ مَأْكُولًا خَاصًّا وَعِنْدَنَا يُدَيَّن اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَنْعُ لِحَقِيقَةِ الْأَكْلِ) أَيْ مَاهِيَّتِه وَهِيَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَلَوْ ذُكِرَ الْمَفْعُولُ بِهِ عَمَّ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي النَّفْيِ هُوَ الْمَفْعُولُ فَكَانَ الْفِعْلُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ عَامًّا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ التَّعْمِيمَ عِنْدَهُ بِالْعَقْلِ وَاللَّازِمُ عَقْلًا لَا يَتَخَلَّفُ عَنْ الْمَلْزُومِ بِخِلَافِ الدَّلَالَةِ الْوَضْعِيَّةِ