للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ النَّفْيُ وَالْمَنْعُ لِجَمِيعِ الْمَأْكُولَاتِ حَتَّى يَحْنَثَ بِوَاحِدٍ مِنْهَا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي الثَّانِيَةِ بِقِيلِ عَلَى خِلَافِ تَسْوِيَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ بَيْنَهُمَا لِمَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ عُمُومَ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ بَدَلِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا فُهِمَ دَائِمًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَجِيئِهَا لِلشُّمُولِ (لَا الْمُقْتَضِي) بِكَسْرِ الضَّادِ وَهُوَ مَا لَا يَسْتَقِيمُ مِنْ الْكَلَامِ إلَّا بِتَقْدِيرِ أَحَدِ أُمُورٍ يُسَمَّى مُقْتَضَى بِفَتْحِ الضَّادِ فَإِنَّهُ لَا يَعُمُّ جَمِيعًا لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِأَحَدِهَا وَيَكُونُ مُجْمَلًا بَيْنَهَا يَتَعَيَّنُ بِالْقَرِينَةِ وَقِيلَ يَعُمُّهَا حَذَرًا مِنْ الْإِجْمَالِ وَمِثَالُهُ حَدِيثُ مُسْنَدِ أَخِي عَاصِمٍ

ــ

[حاشية العطار]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ) أَيْ وَاللَّازِمُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْ مَلْزُومِهِ فَلَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَالْعُمُومُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّعْمِيمِ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمِ التَّخْصِيصِ فِي الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ) أَيْ مُخَالَفَةِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقِيلِ عَلَى الْحَالِيَّةِ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِعَبَّرَ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فُهِمَ) أَيْ عَلَى مَا فُهِمَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّخْصِيصُ بِالنِّيَّةِ لِعَدَمِ الْعُمُومِ الشُّمُولِيِّ بَلْ أَيُّ أَكْلٍ وُجِدَ مِنْهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ لَا يَخْتَصُّ جَوَازُ التَّخْصِيصِ بِالنِّيَّةِ بِالْعَامِّ بَلْ يَجْرِي فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ بِالنِّيَّةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ فِي لَا أَكَلْت إنَّهُ لَا عُمُومَ فِيهِ بَلْ مُطْلَقٌ وَالتَّخْصِيصُ فَرْعُ الْعُمُومِ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ يَصِيرُ تَقْيِيدًا لِلْمُطْلَقِ فَلَمْ يَمْنَعُوهُ.

(قَوْلُهُ: لَا الْمُقْتَضِي) مَجْرُورٌ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ عَطْفٌ عَلَى الْعَامِّ كَذَا قِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ قَوْلِهِ لَا يَسْتَوُونَ؛ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِإِضَافَتِهَا إلَى تَعْمِيمٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ لَا يَعُمُّ تَفْسِيرٌ لَهُ بِالْمَعْنَى وَلَيْسَ خَبَرًا عَنْهُ وَالْمُقْتَضِي مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي يَقْتَضِي لِصِحَّتِهِ شَيْئًا يُقَدَّرُ فِيهِ أَيْ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْعُمُومِ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُقَدَّرُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَعُمُّ) أَخَذَهُ مِنْ لَا؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ لِمَا بَعْدَهَا ضِدَّ مَا قَبْلَهَا وَهَذَا مَا وَعَدَ بِهِ الشَّارِحُ سَابِقًا بِقَوْلِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ مُجْمَلٌ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] .

(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ) أَيْ الْمُقْتَضِي بِكَسْرِ الضَّادِ مُجْمَلًا أَيْ لَا يَكُونُ عَامًّا فِيهَا فَتُخَصَّصُ بِبَعْضِهَا بَلْ يَفْتَقِرُ لِبَيَانٍ وَيُقَدَّرُ شَيْءٌ يَتَّضِحُ بِهِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] مَعْنَاهُ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ نِكَاحُ أُمَّهَاتِكُمْ وَنَحْوُهُ كَاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ بِالْقَرِينَةِ) فِيهِ أَنَّ الْمُعَيَّنَ بِالْقَرِينَةِ أَحَدُ تِلْكَ الْأُمُورِ أَيْ الْمُرَادَ مِنْهَا الَّذِي هُوَ الْمُقْتَضَى بِفَتْحِ الضَّادِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُقْتَضَى لَا يَتَعَيَّنُ مِنْ حَيْثُ الْمُرَادُ بِهِ إلَّا بِبَيَانِ الْأَحَدِ الْمُرَادِ مِنْ تِلْكَ الْأُمُورِ الَّذِي هُوَ الْمُقْتَضَى فَبَيَانُ ذَلِكَ الْأَحَدِ كَالْقَرِينَةِ عَلَى تَعْيِينِ الْمُقْتَضَى.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَعُمُّهَا) حَكَاهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةُ فِي الطَّلَاقِ فَقَالَ وَالْمُخْتَارُ لَا يَقَعُ طَلَاقُ النَّاسِي؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الِاقْتِضَاءِ عَامَّةٌ. اهـ. خَالِدٌ.

(قَوْلُهُ: حَذَرًا مِنْ الْإِجْمَالِ) وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْإِجْمَالُ إلَّا إذَا دَامَ عَلَى إجْمَالِهِ وَهَذَا لَا يَدُومُ لِتَعَيُّنِهِ بِالْقَرِينَةِ.

(قَوْلُهُ: مُسْنَدِ أَخِي عَاصِمٍ) بِالْإِضَافَةِ وَالْمُسْنَدُ اسْمٌ لِأَخِي عَاصِمٍ وَهُوَ الْفَضْلُ أَبُو الْقَاسِمِ أَحَدُ الْحُفَّاظِ وَلَيْسَ بِالتَّنْوِينِ اسْمُ رَجُلٍ وَأَخِي عَاصِمٌ بَدَلٌ مِنْهُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَمْ يُوجَدْ إلَّا فِي هَذَا الْمُسْنَدِ بَعْدَ التَّفْتِيشِ التَّامِّ فَلِذَلِكَ أَسْنَدَهُ الشَّارِحُ لَهُ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ هُوَ الْحَدِيثُ كَثُرَ ذِكْرُهُ عَنْ أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ وَقَدْ وَقَعَ الْكَلَامُ فِيهِ قَدِيمًا بِدِمَشْقَ وَبِهَا الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ بْنُ الْفِرْكَاحِ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ إذْ ذَاكَ وَبَالَغَ فِي التَّنْقِيبِ عَلَيْهِ وَسُؤَالِ الْمُحَدِّثِينَ وَذَكَرَ فِي تَعْلِيقَتِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ قَوْلَ النَّوَوِيِّ فِي زِيَادَاتِ الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ وَلَمْ أَجِدْ هَذَا اللَّفْظَ مَعَ شُهْرَتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ فِي كَامِلِ ابْنِ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ جَعْفَرِ بْنِ فَرْقَدٍ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَلَاثًا الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَالْأَمْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>