للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» بِمَفْهُومِ حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» .

(وَيَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِفِعْلِهِ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ وَتَقْرِيرِهِ فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا، كَمَا لَوْ قَالَ: الْوِصَالُ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ثُمَّ فَعَلَهُ أَوْ أَقَرَّ مَنْ فَعَلَهُ وَقِيلَ: لَا يُخَصِّصَانِ بَلْ يَنْسَخَانِ حُكْمَ الْعَامِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَسَاوِي النَّاسِ فِي الْحُكْمِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّخْصِيصَ أَوْلَى مِنْ النُّسَخِ لِمَا فِيهِ مِنْ إعْمَال الدَّلِيلَيْنِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ) وَعَكْسَهُ الْمَشْهُورُ (لَا يُخَصِّصُ) الْعَامَّ وَقِيلَ يُخَصِّصُهُ

ــ

[حاشية العطار]

(قَوْلُهُ: إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمَاءَ لَهُ رِيحٌ وَلَوْنٌ، وَالْحُكَمَاءُ يَمْنَعُونَ ذَلِكَ؛ إذْ هُوَ عُنْصُرٌ بَسِيطٌ، وَالْبَسَائِطُ لَا لَوْنَ لَهَا وَلَا رِيحَ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ أَيْ رِيحُهُ الْعَارِضُ عَلَيْهِ إلَخْ وَقَدْ دَلَّ بَسْطُنَا ذَلِكَ عَلَى حَوَاشِي الْمَقُولَاتِ الْكُبْرَى وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فِي وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَحْمِلُ الْخَبَثَ) أَيْ لَا يَتَنَجَّسُ سَوَاءٌ تَغَيَّرَ أَمْ لَا فَهُوَ عَامٌّ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: الْمَعْنَى إذَا بَلَغَ فِي الِانْتِقَاصِ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ أَيْ فَيُنَجَّسُ.

(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ التَّخْصِيصُ) أَيْ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: بِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) إنَّمَا ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مِمَّنْ قَالَ بِجَوَازِ التَّخْصِيصِ بِالسُّنَّةِ، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ مُخَصَّصًا بِالْفَتْحِ؛ إذْ لَا عُمُومَ لَهُ بَلْ مُخَصِّصًا بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: وَتَقْرِيرُهُ) وَهَلْ التَّخْصِيصُ بِنَفْسِ تَقْرِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ سَبْقِ قَوْلٍ بِهِ فَيُسْتَدَلُّ بِتَقْرِيرِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ خُصَّ بِقَوْلٍ سَابِقٍ؛ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا مَا فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْعَامِّ إلَّا بِإِذْنٍ صَرِيحٍ، فَتَقْرِيرُهُ دَلِيلُ ذَلِكَ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْقَطَّانِ وَإِلْكِيَا قَالَ ابْنُ فُورَكٍ وَالطَّبَرِيُّ إنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ أَفَادَهُ الْبِرْمَاوِيُّ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الْوِصَالُ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ مَحَلُّ كَوْنِهِ تَخْصِيصًا إذَا كَانَ الْعُمُومُ شَامِلًا لَهُ وَلِلْأُمَّةِ بِتَحْرِيمِ شَيْءٍ مَثَلًا ثُمَّ يَفْعَلُ الْفِعْلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ، وَهُوَ مِمَّا لَا يَجِبُ اتِّبَاعُهُ فِيهِ إمَّا لِكَوْنِهِ مِنْ خَصَائِصِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَمَّا إذَا أَوْجَبْنَا التَّأَسِّي بِهِ فِيهِ فَيَرْتَفِعُ الْحُكْمُ عَنْ الْكُلِّ، وَذَلِكَ نَسْخٌ لَا تَخْصِيصٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعُمُومُ لِلْأُمَّةِ دُونَهُ فَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بِتَخْصِيصٍ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْعُمُومِ، وَقَدْ مُثِّلَ ذَلِكَ بِالنَّهْيِ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَاسْتِدْبَارِهَا ثُمَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّهْيَ شَامِلٌ لِلصَّحْرَاءِ وَالْبُنْيَانِ فَيَحْرُمُ فِيهِمَا، وَبِهِ قَالَ جَمْعٌ يَكُونُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُصَّ بِذَلِكَ، وَخَرَجَ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ مُخْتَصًّا بِذَلِكَ فَالتَّخْصِيصُ لِلْبَيَانِ مِنْ الْعُمُومِ سَوَاءٌ هُوَ وَالْأُمَّةُ فِي ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: بَلْ يَنْسَخَانِ حُكْمَ الْعَامِّ) أَيْ فَتَكُونُ الْحُرْمَةُ مَنْسُوخَةً عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ ثُمَّ إنَّ هَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يُعْلَمُ تَفْصِيلُهُ مِنْ قَوْلِ الْعَلَّامَةِ الْبِرْمَاوِيِّ فَتَقْرِيرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحِدًا مِنْ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَامِّ فَهَلْ يَكُونُ تَخْصِيصًا إذَا وُجِدَتْ شَرَائِطُ التَّقْرِيرِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ مُسَاوَاةُ الَّذِي قَرَّرَهُ لِغَيْرِهِ كَانَ تَخْصِيصًا، وَإِنْ ثَبَتَ الْمُسَاوَاةُ لِجَمِيعِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ أَوْ كَانَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَمَلِ كَانَ نَاسِخًا، وَمَثَّلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ مَا يَكُونُ تَخْصِيصًا «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَتَرْكُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْذَ الزَّكَاةِ مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ، وَكَذَا تَقْرِيرُهُ عَلَى تَرْكِ الْوُضُوءِ لِمَنْ نَامَ قَاعِدًا» اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ تَسَاوِي النَّاسِ فِي الْحُكْمِ) لَعَلَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ إنْ اُشْتُهِرَ كَوْنُ الْفِعْلِ مِنْ خَصَائِصِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>